إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون 55 الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون 56.
الاعراب: (فهم لا يؤمنون) الفاء لعطف جملة على جملة، وهو في الصلة كأنه قال: كفروا مصممين على الكفر، فهم لا يؤمنون، وإنما حسن عطف جملة اسمية على جملة فعلية لما فيها من التأدية إلى معنى الحال، وذلك أن صبابتهم (1) في الكفر، وإصرارهم عليه، أدى إلى الحال في أنهم لا يؤمنون. وقوله (ثم ينقضون): عطف المستقبل على الماضي لأن الغرض أن من شأنهم نقض العهد مرة بعد مرة في مستقبل أوقاتهم بعد العهد إليهم.
المعنى: ثم ذم سبحانه الكفار، فقال: (إن شر الدواب عند الله) أي: شر من يدب على وجه الأرض في معلوم الله، أو في حكم الله (الذين كفروا) واستمروا على كفرهم (فهم لا يؤمنون) هذا اخبار عن قوم من المشركين أنهم لا يؤمنون أبدا، فخرج المخبر على وفق الخبر، فماتوا مشركين. ثم وصفهم الله فقال (الذين عاهدت منهم) أي: من جملتهم والضمير العائد إلى (الذين) محذوف أي: الذين عاهدت منهم، أي: من المشركين. وقيل: إن من مزيدة، وإنما دخلت لأن معنى عاهدتم أخذت العهد منهم، وكما قال: (ردف لكم)، لأن معنى (ردف): قرب، فعومل بما يعامل به. وقيل معناه: عاهدت معهم، قال مجاهد:
أراد به يهود بني قريظة، فإنهم كانوا قد عاهدوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أن لا يضروا به، ولا يمالئوا عليه عدوا، ثم مالأوا عليه الأحزاب يوم الخندق، وأعانوهم عليه بالسلاح، وعاهدوا مرة بعد أخرى، فنقضوا فانتقم الله منهم (ثم ينقضون عهدهم في كل مرة) أي: كلما عاهدتهم نقضوا العهد، ولم يفوا به (وهم لا يتقون) نقض العهد. وقيل: لا يتقون عذاب الله تعالى.
فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون 57 وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين 58.