جئتنا به من قبل نفسك، فليس كل ما تقوله وحي من السماء، عن قتادة، ومجاهد، والزجاج. وقيل معناه: إذا لم تأتهم بآية مقترحة قالوا: هلا اخترتها من قبل نفسك، فتسأل ربك أن يأتيك، عن ابن عباس، والجبائي، وأبي مسلم.
(قل) يا محمد لهم (إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي) أي: لست آتي بالآيات من عندي، وإنما يفعلها الله تعالى، ويظهرها على حسب ما يعلم من المصلحة في ذلك، لا بحسب اقتراح الخلق، وإنما أتبع الوحي ولا أتعداه، وليس لي أن أساله إنزال الآيات إلا بعد إذنه في السؤال. (هذا بصائر من ربكم) هذا القرآن دلائل ظاهرة، وحجج واضحة، وبراهين ساطعة، من ربكم، يبصر الانسان بها أمور دينه (وهدى ورحمة) أي ودلالة تهدي إلى الرشد، ونعمة في الدين والدنيا (لقوم يؤمنون) خص المؤمنين بالذكر لأنهم المنتفعون بها دون غيرهم من الكفار.
وفي هذه الآية دلالة على أن أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأقواله، تابعة للوحي، وأنه يجوز أن يعمل بالرأي والقياس.
النظم: قيل إن هذه الآية، اتصلت بقوله (يسألونك عن الساعة) وتقديره ويسألونك عن الآيات، فإذا لم تأتهم بها، قالوا: لولا اجتبيتها عن أبي مسلم، وقيل: اتصلت بما قبلها من قوله (وإخوانهم يمدونهم) ومعناه: يبقون في الضلالة، وإذا لم تأتهم بآية يسألون عنها، فقالوا كذا.
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون 204 واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والأصال ولا تكن من الغافلين 205 إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون 206. اللغة: الإنصات: السكوت مع استماع. قال ابن الأعرابي: نصت وأنصت، وانتصت: استمع الحديث وسكت. وأنصته، وأنصت له وأنصت الرجل: سكت، وأنصته غيره، عن الأزهري. والآصال: جمع أصل. وأصل جمع أصيل.
فالآصال: جمع الجمع، وتصغيره أصيلان على إبدال النون، ومعناه: العشيات،