ادعهم إلى أنه لا إله إلا هو، عن الحسن. وقيل: معناه ما أوحي إليك من أنه لا إله إلا هو (وأعرض عن المشركين) قال ابن عباس: نسخته آية القتال. وقيل: معناه اهجرهم، ولا تخالطهم، ولا تلاطفهم، ولم يرد به الإعراض عن دعائهم إلى الله تعالى، وحكمه ثابت (ولو شاء الله ما أشركوا) أي: لو شاء الله ان يتركوا الشرك قهرا وإجبارا، لاضطرهم إلى ذلك، إلا أنه لم يضطرهم إليه بما ينافي أمر التكليف، وأمرهم بتركه اختيارا، ليستحقوا الثواب والمدح عليه، فلم يتركوه، فأتوا به من قبل نفوسهم.
وفي تفسير أهل البيت عليهم السلام: لو شاء الله أن يجعلهم كلهم مؤمنين معصومين حتى كان لا يعصيه أحد، لما كان يحتاج إلى جنة، ولا إلى نار، ولكنه أمرهم ونهاهم، وامتحنهم وأعطاهم ما له به عليهم الحجة، من الآلة والاستطاعة، ليستحقوا الثواب والعقاب.
(وما جعلناك عليهم حفيظا) مراقبا لأعمالهم (وما أنت عليهم بوكيل) أي:
ولست بموكل عليهم بذلك وإنما أنت رسول عليك البلاغ، وعلينا الحساب. وجمع بين حفيظ ووكيل لاختلاف معنى اللفظين، فإن الحافظ للشئ هو الذي يصونه عما يضره. والوكيل على الشئ هو الذي يجلب الخير إليه.
ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعلمون 108.
القراءة: قرأ يعقوب: (عدوا) بضم العين والدال، وتشديد الواو، وهو قراءة الحسن، وأبي رجاء وقتادة. وقرأ الباقون: (عدوا) بفتح العين، وسكون الدال.
الحجة: العدو والعدو جميعا: الظلم والتعدي للحق، ومثلهما العدوان والعداء، وإنما انتصب (عدوا) لأنه مصدر في موضع الحال.
اللغة: السب: الذكر بالقبيح، ومنه الشتم والذم، وأصله السبب، كأنه يتسبب إلى ذكره بالقبيح، وسبك الذي يسابك، وقال:
لا تسبنني فلست بسبي إن سبي من الرجال الكريم