حسبانا. (تقدير العزيز) الذي عز سلطانه، فلا يقدر أحد على الامتناع منه (العليم) بمصالح خلقه وتدبيرهم.
وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون 97 وهو الذي أنشأ كم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون 98.
القراءة: قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، برواية روح، وزيد (فمستقر) بكسر القاف. والباقون بفتح القاف.
الحجة: قال أبو علي: من كسر القاف، كان (المستقر) بمعنى القار. فإذا كان كذلك وجب خبره أن يكون المضمر منكم، أي: فمنكم مستقر، كقولك.
بعضكم مستقر أي: مستقر في الأرحام. ومن فتح فليس على أنه مفعول، ألا ترى أن (استقر) لا يتعدى، وإذا لم يتعد، لم يبن منه اسم مفعول به، وإذا لم يكن مفعولا به، كان اسم مكان، فالمستقر بمنزلة المقر، كما كان المستقر بمعنى القار، وإذا كان كذلك جعلت الخبر المضمر لكم، والتقدير فمستقر لكم، وأما (المستودع) فإن استودع فعل يتعدى إلى مفعولين، تقول استودعت زيدا ألفا، وأودعت زيدا ألفا. فاستودع مثل أودع، كما أن استجاب مثل أجاب. فالمستودع يجوز أن يكون الانسان الذي استودع ذلك المكان، ويجوز أن يكون المكان نفسه.
ومن قرأ (فمستقر) بفتح القاف جعل المستودع مكانا ليكون مثل المعطوف عليه، أي: فلكم مكان استقرار واستيداع. ومن قرأ (فمستقر) فالمعنى منكم مستقر في الأرحام، ومنكم مستودع في الأصلاب فالمستودع اسم المفعول به، فيكون مثل المستقر في أنه اسم لغير المكان.
المعنى: ثم ذكر سبحانه ما يقارب في المعنى الآية المتقدمة فيما يدل على وحدانيته، وعظيم قدرته، فقال: (وهو الذي جعل) أي: خلق (لكم) أي:
لنفعكم (النجوم لتهتدوا بها) أي: بضوئها، وطلوعها، ومواضعها، (في ظلمات البر والبحر) لأن من النجوم ما يكون بين يدي الانسان، ومنها ما يكون خلفه، ومنها ما يكون عن يمينه، ومنها ما يكون عن يساره، ويهتدى بها في الأسفار، وفي