الأعداء) أي: لا تسرهم بأن تفعل ما يوهم ظاهره خلاف التعظيم (ولا تجعلني مع القوم الظالمين) أي: لا تجعلني مع عبدة العجل، ومن جملتهم، في إظهار الغضب والموجدة علي (1).
(قال) موسى حين تبين له ما نبهه هارون عليه من خوف التهمة، ودخول الشبهة على القوم (رب اغفر لي ولأخي) وهذا على وجه الانقطاع إلى الله سبحانه، والتقرب إليه، لا أنه كان وقع منه، أو من أخيه، قبيح، كبير أو صغير، يحتاج أن يستغفر منه، فإن الدليل قد دل على أن الأنبياء لا يجوز أن يقع منهم شئ من القبيح. وقيل: إنه عليه السلام بين بهذا لبني إسرائيل، أنه لم يجر رأسه إليه لعصيان وجد منه، وإنما فعله كما يفعل الانسان بنفسه، عند شدة غضبه على غيره، عن الجبائي (وأدخلنا في رحمتك) أي: نعمتك وجنتك (وأنت أرحم الراحمين) ظاهر المعنى: وإنما يذكر في آخر الدعاء لبيان شدة الرجاء من جهته، فإن الابتداء بالنعمة يوجب الإتمام، وسعة الرحمة تقتضي الزيادة فيها، فيقال أرحم الراحمين لاستدعاء الرحمة من جهته، كما يقال أجود الأجودين لاستدعاء الجود من قبله.
إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين 152 والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم 153 ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون 154 اللغة: النول: اللحوق، وأصله مد اليد إلى الشئ الذي يبلغه، ومنه قولهم:
نولك أن تفعل كذا، أي: ينبغي أن تفعله، فإنه يلحقك خيره. وسكت أي:
سكن. والسكوت هو الإمساك عن الكلام بهيئة منافية بسببه، وهو تسكين آلة الكلام. وإنما قيل: سكت الغضب، توسعا ومجازا، لأنه لما كان بفورته دالا على ما في نفس المغضوب عليه، كان بمنزلة الناطق بذلك، فإذا سكنت تلك الفورة، كان بمنزلة الساكت عما كان متكلما به، فالسكوت في هذا الموضع أحسن من