يأخذ الفضل من أموالهم، ليس فيها شئ موقت، ثم نزلت آية الزكاة، فصار منسوخا بها، فإن هذه السورة مكية، عن ابن عباس، والسدي، والضحاك. وقيل معناه:
خذ العفو من أخلاق الناس، واقبل الميسور منها، عن مجاهد، والحسن، ومعناه:
إنه أمره بالتساهل وترك الاستقصاء في القضاء، والاقتضاء، وهذا يكون في الحقوق الواجبة لله وللناس، وفي غيرها، وهو في معنى الخبر المرفوع: (أحب الله عبدا سمحا بائعا ومشتريا، قاضيا ومقتضيا). وقيل: هو العفو في قبول العذر من المعتذر، وترك المؤاخذة بالإساءة. وروي أنه لما نزلت هذه الآية، سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، جبرائيل عن ذلك، فقال: لا أدري حتى أسأل العالم، ثم أتاه فقال:
يا محمد! إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك (وأمر بالعرف) يعني بالمعروف، وهو كل ما حسن في العقل فعله، أو في الشرع، ولم يكن منكرا، ولا قبيحا عند العقلاء. وقيل: بكل خصلة حميدة (وأعرض عن الجاهلين) معناه: وأعرض عنهم عند قيام الحجة عليهم، والإياس من قبولهم، ولا تقابلهم بالسفه صيانة لقدرك، فإن مجاوبة السفيه تضع عن القدر، ولا يقال هذه الآية منسوخة بآية القتال، لأنها عامة خص عنها الكافر الذي يجب قتله بدليل. قال ابن زيد: لما نزلت هده الآية، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كيف يا رب والغضب؟ فنزل قوله (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ) ومعناه: يا محمد إن نالك من الشيطان وسوسة، ونخسة في القلب، بما يسول للإنسان، معناه: إن عرض. لك من الشيطان عارض، عن ابن عباس. وقيل معناه: وإن منعك الشيطان عن شئ مما أمرتك من هذه الأشياء (فاستعذ بالله) أي: سل الله عز اسمه أن يعيذك منه (إنه سميع) للمسموعات (عليم) بالخفيات. وقيل: سميع لدعائك، عليم بما عرض لك. وقيل: إن النزغ أول الوسوسة، والمس لا يكون إلا بعد التمكن! ولذلك فضل الله سبحانه بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وغيره، فقال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: (وإما ينزغنك) وقال للناس: (إذا مسهم طائف من الشيطان).
إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون 201 وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون 202 وإذا لم تأتهم بأية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربي هذا بصائر من ربكم