آلهة أخرى): هذا استفهام معناه الجحد والإنكار، وتقديره: كيف تشهدون أن مع الله آلهة أخرى بعد وضوح الأدلة، وقيام الحجة بوحدانية الله تعالى؟ وإنما قال:
(أخرى)، ولم يقل آخر، لأن الآلهة جمع، والجمع مؤنث، فهو كقوله: (ولله الأسماء الحسنى) وقوله: (فما بال القرون الأولى)، ولم يقل الأول. ثم قال سبحانه لنبيه: (قل) أنت يا محمد (لا أشهد) بمثل ذلك، وإن شهدتم بإثبات الشريك لله، بعد قيام الحجة بوحدانية الله تعالى، والشاهد هو المبين لدعوى المدعي. ثم قال: (قل) يا محمد لمن شهد أن معه آلهة أخرى:
(إنما هو إله واحد وإنني برئ مما تشركون) به وبعبادته من الأوثان وغيرها، ولهذا قال أهل العلم: يستحب لمن أسلم ابتداء، أن يأتي بالشهادتين، ويتبرأ من كل دين سوى الاسلام. ثم ذكر سبحانه أن الكفار بين جاهل ومعاند فقال (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم): وهذا مفسر في سورة البقرة (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون) مفسر في هذه السورة، فإن حملته على أنه صفة للذين الأولى، فالمعني به أهل الكتاب. وإن حملته على الابتداء، فإنه يتناول جميع الكفار. وقال أبو حمزة الثمالي: (لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، قال عمر لعبد الله بن سلام: إن الله تعالى أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ان أهل الكتاب (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم)، كيف هذه المعرفة؟ قال عبد الله بن سلام: نعرف نبي الله بالنعت الذي نعته الله إذا رأيناه فيكم، كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه بين الغلمان. وأيم الله الذي يحلف به ابن سلام، لأنا بمحمد أشد معرفة مني بابني! فقال له: كيف؟ قال عبد الله: عرفته بما نعته الله لنا في كتابنا، فأشهد أنه هو، فأما ابني فإني لا أدري ما أحدثت أمه. فقال: قد وفقت، وصدقت، وأصبت).
ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون 21 ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون 22.
القراءة: (ويوم يحشرهم) (ثم يقول) بالياء فيهما قراءة يعقوب وحده، وكذلك في الفرقان، وفي سبأ، وقرئ في سائر القرآن بالنون. وقرأ حفص هنا، وفي يونس بالنون، وفي سائر القرآن بالياء. وقرأ أبو جعفر، وابن كثير، في الفرقان بالياء، وفي سائر القرآن بالنون. وقرأ الباقون بالنون في جميع القرآن.