أو ندبا.
(ولتصغي إليه) أي: ولتميل إلى هذا الوحي بزخرف القول، أو إلى هذا القول المزخرف (أفئدة) أي: قلوب (الذين لا يؤمنون بالآخرة) والعامل في قوله (ولتصغي) قوله: (يوحي) ولا يجوز أن يكون العامل فيه (جعلنا) لأن الله سبحانه لا يجوز أن يريد إصغاء القلوب إلى الكفر ووحي الشياطين، إلا أن تجعلها لام العاقبة، كما في قوله (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) على أنه غير معلوم أن كل من أرادوا منه الصغو قد صغى إلى كلامهم، ولم يصح ذلك أيضا في قوله (وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون) لأنه غير معلوم حصول ذلك، وعلى ما قلناه يكون جميع ذلك معطوفا بعضه على بعض، والمراد بالأفئدة: أصحاب الأفئدة، ولكن لما كان الاعتقاد في القلب، وكذلك الشهوة، أسند الصغو إلى القلب (وليرضوه) أي: وليرضوا ما أوحي إليهم من القول المزخرف.
(وليقترفوا) أي: وليكتسبوا من الإثم والمعاصي (ما هم مقترفون) أي:
مكتسبون في عداوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين، عن ابن عباس، والسدي. وقال أبو علي الجبائي: إن اللام في قوله (ولتصغي) وما بعده، لام الأمر، والمراد بها التهديد، كما قال سبحانه (اعملوا ما شئتم) (واستفزز من استطعت) وهذا غلط فاحش، لأنه لو كان كذلك، لقال: ولتصغ، فحذف الألف. وقال البلخي: اللام في (ولتصغي) لام العاقبة، وما بعده لام الأمر الذي يراد به التهديد، وهذا جائز إلا أن فيه تعسفا، فالأصح ما ذكرناه.
أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين 144.
القراءة: قرأ ابن عامر، وحفص (منزل) بالتشديد. والباقون بالتخفيف.
الحجة: حجة التشديد قوله سبحانه: (تنزيل الكتاب من الله) وما أشبهه، وحجة التخفيف: إنا أنزلنا إليك) وما أشبهه.