قصة لوط مع قومه: وجملة أمرهم فيما روي، عن أبي حمزة الثمالي، وأبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام أن لوطا لبث في قومه ثلاثين سنة، وكان نازلا فيهم، ولم يكن منهم، يدعوهم إلى الله، وينهاهم عن الفواحش، ويحثهم على الطاعة، فلم يجيبوه، ولم يطيعوه، وكانوا لا يتطهرون من الجنابة، بخلاء أشحاء على الطعام، فأعقبهم البخل الداء الذي لا دواء له في فروجهم، وذلك أنهم كانوا على طريق السيارة إلى الشام ومصر، وكان ينزل بهم الضيفان، فدعاهم البخل إلى أن كانوا إذا نزل بهم الضيف فضحوه، وإنما فعلوا ذلك لتنكل النازلة عليهم من غير شهوة بهم إلى ذلك، فأوردهم البخل هذا الداء حتى صاروا يطلبونه من الرجال، ويعطون عليه الجعل.
وكان لوط سخيا كريما، يقري الضيف إذا نزل به، فنهوه عن ذلك، وقالوا:
لا تقرين ضيفا جاء ينزل بك، فإنك إن فعلت، فضحنا ضيفك. فكان لوط إذا نزل به الضيف، كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه.
ولما أراد الله سبحانه عذابهم، بعث إليهم رسلا مبشرين ومنذرين، فلما عتوا عن أمره، بعث الله إليهم جبرائيل عليه السلام في نفر من الملائكة، فأقبلوا إلى إبراهيم قبل لوط، فلما رآهم إبراهيم ذبح عجلا سمينا، فلما رأى أيديهم لا تصل إليه، نكرهم وأوجس منهم خيفة. قالوا: يا إبراهيم! إنا رسل ربك، ونحن لا نأكل الطعام، إنا أرسلنا إلى قوم لوط.
وخرجوا من عند إبراهيم، فوقفوا على لوط وهو يسقي الزرع، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن أبناء السبيل أضفنا الليلة. فقال لوط: إن أهل هذه القرية قوم سوء ينكحون الرجال في أدبارهم، ويأخذون أموالهم. قالوا: قد أبطأنا فأضفنا.
فجاء لوط إلى أهله، وكانت امرأته كافرة، فقال: قد أتاني أضياف في هذه الليلة، فاكتمي أمرهم، قالت: أفعل. وكانت العلامة بينها وبين قومها، أنه إذا كان عند لوط أضياف بالنهار، تدخن من فوق السطح، وإذا كان بالليل، توقد النار.
فلما دخل جبرائيل عليه السلام والملائكة معه بيت لوط، وثبت امرأته على السطح، فأوقدت نارا، فأقبل القوم من كل ناحية، يهرعون إليه، أي: يسرعون، ودار بينهم ما قصه الله تعالى في مواضع من كتابه، فضرب جبرائيل عليه السلام بجناحه على عيونهم،