اقتد بهم في الصبر على أذى قومك، واصبر كما صبروا، حتى تستحق من الثواب ما استحقوه، وقيل: معناه أولئك الذين قبلوا هدى الله، واهتدوا بلطف الله الذي فعله بهم، فاقتد بطريقتهم في التوحيد والأدلة، وتبليغ الرسالة، والإشارة بأولئك إلى الأنبياء الذين تقدم ذكرهم، عن ابن عباس، والسدي، وابن زيد. وقيل إلى المؤمنين الموكلين بحفظ دين الله، لأنه في ذكرهم، عن الحسن، وقتادة. وعلى هذا فلم يتكرر لفظ الهداية. وفي القول الأول أعاد ذكر الهداية لطول الكلام، ويكون معنى قوله (فبهداهم اقتده) اقتد بصبر أيوب، وسخاء إبراهيم، وصلابة موسى، وزهد عيسى.
ثم فسر بعض ما يقتدى بهم فيه بقوله (قل) يا محمد (لا أسئلكم عليه أجرا) أي: لا أطلب منكم على تبليغ الوحي، وأداء الرسالة، جعلا، كما لم يسأل ذلك الأنبياء قبلي، فإن أخذ الأجر عليه ينفر الناس عن القبول (إن هو) أي: ما هو (إلا ذكرى) أي: تذكيرا (للعالمين) بما يلزمهم إتيانه واجتنابه.
وفي هذه الآية دلالة على أنه لا يخلو كل زمان من حافظ للدين، إما نبي، أو إمام لقوله (فقد وكلنا بها قوما) وأسند التوكيل إلى نفسه، وقد استدل قوم بالآية على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمته كانوا متعبدين بشرائع من قبلهم، إلا ما قام الدليل على نسخه، وهذا لا يصح لأن الآية قد وردت فيما اتفقوا عليه على ما تقدم ذكره، وذلك لا يليق إلا بالتوحيد ومكارم الأخلاق، فأما الشرائع فإنها تختلف فلا يصح الاقتداء بجميع الأنبياء فيها، وتدل الآية على أن نبينا مبعوث إلى كافة العالمين، وان النبوة مختومة به، ولذلك قال: (إن هو إلا ذكرى للعالمين). وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ا ما أنزل الله على بشر من شئ قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في حوضهم يلعبون 91 القراءة: قرأ ابن كثير، وأبو عمرو (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون) بالياء فيها. والباقون بالتاء في الجميع.