للزرع. والأنعام: جمع النعم، مأخوذ من نعمة الوطء، ولا يقال لذوات الحافر:
أنعام.
المعنى: ثم عاد الكلام إلى حجاج المشركين، وبيان اعتقاداتهم الفاسدة، فقال سبحانه: (وجعلوا لله) اي: كفار مكة، ومن تقدمهم من المشركين. والجعل هنا بمعنى الوصف والحكم. (مما ذرأ من الحرث) أي: مما خلق من الزرع (والأنعام) أي: المواشي من الإبل، والبقر، والغنم. (نصيبا) أي: حظا.
وههنا حذف يدل الكلام عليه، وهو: وجعلوا للأوثان منه نصيبا (فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا) يعني الأوثان، وإنما جعلوا الأوثان شركاءهم، لأنهم جعلوا لها نصيبا من أموالهم، ينفقونه عليها، فشاركوها في نعمهم.
(فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم) قيل: في معناه أقوال أحدها: إنهم كانوا يزرعون لله زرعا، وللأصنام زرعا، فكان إذا زكا الزرع الذي زرعوه لله، ولم يزك الزرع الذي زرعوه للأصنام، جعلوا بعضه للأصنام، وصرفوه إليها، ويقولون إن الله غني، والأصنام أحوج. وإن زكا الزرع الذي جعلوه للأصنام، ولم يزك الزرع الذي زرعوه لله، لم يجعلوا منه شيئا لله، وقالوا: هو غني. وكانوا يقسمون النعم، فيجعلون بعضه لله، وبعضه للأصنام. فما كان لله أطعموه الضيفان، وما كان للصنم أنفقوه على الصنم، عن الزجاج، وغيره وثانيها: إنه كان إذا اختلط ما جعل للأصنام بما جعل لله تعالى، ردوه، وإذا اختلط ما جعل لله بما جعل للأصنام تركوه، وقالوا: الله أغنى. وإذا تخرق الماء من الذي لله في الذي للأصنام، لم يسدوه. وإذا تخرق من الذي للأصنام في الذي لله سدوه وقالوا الله أغنى، عن ابن عباس، وقتادة، وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام. وثالثها:
إنه كان إذا هلك ما جعل للأصنام، بدلوه مما جعل لله، وإذا هلك ما جعل لله، لم يبدلوه مما جعل للأصنام، عن الحسن، والسدي (ساء ما يحكمون) أي: ساء الحكم حكمهم هذا. وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء