وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كره أخذ الفداء حتى رأى سعد بن معاذ كراهية ذلك في وجهه، فقال: يا رسول الله! هذا أول حرب لقينا فيه المشركين، والإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال. وقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله! كذبوك وأخرجوك فقدمهم واضرب أعناقهم، ومكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، ومكني من فلان أضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر! وقال أبو بكر: أهلك وقومك استأن بهم واستبقهم، وخذ منهم فدية، فيكون لنا قوة على الكفار! قال ابن زيد: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو نزل عذاب من السماء ما نجا منكم غير عمر وسعد بن معاذ.
وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: كان الفداء يوم بدر كل رجل من المشركين بأربعين أوقية، والأوقية أربعون مثقالا، إلا العباس فإن فداءه كان مائة أوقية، وكان أخذ منه حين أسر عشرون أوقية ذهبا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ذلك غنيمة، ففاد نفسك وابني أخيك نوفلا وعقيلا، فقال: ليس معي شئ، فقال: أين الذهب الذي سلمته إلى أم الفضل، وقلت: إن حدث بي حدث فهو لك، وللفضل، وعبد الله، وقثم؟
فقال: من أخبرك بهذا؟ قال: الله تعالى. فقال: أشهد أنك رسول الله، والله ما اطلع على هذا أحد إلا الله تعالى.
القراءة: قرأ أبو جعفر، وأبو عمرو: (من الأسارى). والباقون: (من الأسرى). وقد ذكرنا الفرق بين الأسرى والأسارى، فيما قبل.
المعنى: ثم خاطب الله سبحانه نبيه، فقال: (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم) من الأسارى: إنما ذكر الأيدي لأن من كان في وثاقهم، فهو بمنزلة من يكون في أيديهم لاستيلائهم عليه (من الأسرى) يعني أسراء بدر الذين أخذ منهم الفداء (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا) أي: إسلاما وإخلاصا، أو رغبة في الإيمان، وصحة نية (يؤتكم خيرا) أي: يعطيكم خيرا (مما أخذ منكم) من الفداء، إما في الدنيا والآخرة، وإما في الآخرة (ويغفر لكم) ذنوبكم (والله غفور) للذنوب