وقيل: معناه تدعونه مخلصين متضرعين تضرعا بألسنتكم، وخفية في أنفسكم، وهذا أظهر (لئن أنجانا) أي. في أي شدة وقعتم، قلتم لئن أنجيتنا (من هذه لنكونن من الشاكرين) لإنعامك علينا، وهذا يدل على أن السنة في الدعاء التضرع والإخفاء.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: خير الدعاء الخفي، وخير الرزق ما يكفي ومر بقوم رفعوا أصواتهم بالدعاء، فقال: إنكم لا تدعون أصم، ولا غائبا، وإنما تدعون سميعا قريبا!! (قل) يا محمد (الله ينجيكم) أي: ينعم عليكم بالنجاة، والفرج، ويخلصكم (منها) أي: من هذه الظلمات (ومن كل كرب) أي: ويخلصكم الله من كل غم (ثم أنتم تشركون) بالله تعالى بعد قيام الحجة عليكم، ما لا يقدر على الإنجاء من كل كرب، وإن خف.
قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون 65.
اللغة: لبست عليهم الأمر ألبسه. إذا لم أبينه، وخلطت بعضه ببعض. ولبست الثوب، ألبسه. واللبس: اختلاط الأمر، واختلاط الكلام. ولابست الأمر:
خالطته. والشيع: الفرق وكل فرقة شيعة على حدة. وشيعت فلانا: اتبعته.
والتشيع هو الاتباع على وجه التدين والولاء للمتبوع. والشيعة صارت في العرف اسما لمتبعي أمير المؤمنين علي عليه السلام على سبيل الاعتقاد لإمامته بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل من الامامية، والزيدية، وغيرهم، ولا يقع إطلاق هذه اللفظة على غيرهم من المتبعين سواء كان متبوعهم محقا أو مبطلا إلا أن يسقط عنه لام التعريف، ويضاف بلفظ من للتبعيض، فيقال هؤلاء شيعة بني العباس، أو شيعة بني فلان.
المعنى ثم عطف سبحانه على ما تقدم من الحجج التي حاج بها الكافرين، ونبه على الإعذار والإنذار، فقال (قل) يا محمد لهؤلاء الكفار (هو القادر على أن يبعث) أي: يرسل (عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم) قيل: فيه وجوه أحدها: إن (عذابا من فوقكم): عنى به الصيحة، والحجارة، والطوفان والريح، كما فعل بعاد، وثمود، وقوم شعيب، وقوم لوط. (أو من تحت أرجلكم)