الإخبار، وإنما جاء بلفظ الاستفهام ليكون أبلغ (أو كذب بآياته) الدالة على توحيده، ونبوة رسله (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب) أي: من العذاب، إلا أنه كنى عن العذاب بالكتاب، لأن الكتاب ورد به كقوله (لقد حقت كلمة العذاب على الكافرين)، عن الحسن، وأبي صالح. وقيل: معناه ينالهم نصيبهم من العمر والرزق، وما كتب لهم من الخير والشر، فلا يقطع عنهم رزقهم بكفرهم، عن الربيع، وابن زيد. وقيل: ينالهم جميع ما كتب لهم، وعليهم، عن مجاهد، وعطية.
(حتى إذا جاءتهم رسلنا) يعني الملائكة أي: حتى إذا استوفوا أرزاقهم، وجاءهم ملك الموت مع أعوانه، (يتوفونهم) أي: يقبضون أرواحهم. وقيل: معناه حتى إذا جاءتهم الملائكة لحشرهم، يتوفونهم إلى النار يوم القيامة، عن الحسن (قالوا): يعني الملائكة (أين ما كنتم تدعون من دون الله) من الأوثان والأصنام، والمراد بهذا السؤال توبيخهم، أي: هلا دفعوا عنكم ما نزل بكم من العذاب (قالوا) يعني قال الكفار (ضلوا عنا) أي: ذهبوا عنا وافتقدناهم، فلا يقدرون على الدفع عنا، وبطلت عبادتنا إياهم (وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) أي أقروا على نفوسهم بالكفر.
قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فأتيهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون 38 وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون 39.
القراءة: قرأ أبو بكر: (لا يعلمون) بالياء. والباقون بالتاء.
الحجة: وجه القراءة بالياء. أنه حمل الكلام على كل، لأنه وإن كان للمخاطبين، فهو اسم ظاهر موضوع للغيبة، فحمل على اللفظ دون المعنى.