شعيب بما يذكر من حاله معهم في مناصحته لهم، وتأديته رسالة ربه إليهم، وأنه لا ينبغي أن يأسى عليهم مع تمردهم في كفرهم، وشدة عتوهم. قال البلخي: وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز للمسلم أن يدعو للكافر بالخير. وأنه لا يجوز الحزن على هلاك الكافرين، والظالمين.
وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون 94 ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون 95.
اللغة: التبديل: وضع أحد الشيئين مكان الآخر. وأصل العفو: الترك، من قوله (فمن عفي له من أخيه شئ) فمعنى قوله (عفوا): تركوا حتى كثروا، قال:
ولكنا نعض السيف منها بأسوق عافيات اللحم كوم (1) والبغتة: الفجأة وهي الأخذ على غرة من غير تقدمة تؤذن بالنازلة، يقال بغته، يبغته بغتا، وبغتة، قال: (وأنكأ شئ حين يفجأك البغت) (2).
الاعراب: أصل (يضرعون): يتضرعون، فأدغمت التاء في الضاد استطالة، وإنما يدغم الناقص في الزائد، ولا يدغم الزائد في الناقص، لما في ذلك من الإخلال به، وهو في موضع رفع بأنه خبر (لعل). و (بغتة): مصدر وضع موضع الحال.
المعنى: ثم ذكر سبحانه بعد ما اقتص من قصص الأنبياء، وتكذيب أممهم إياهم، وما نزل بهم من العذاب، سنة في أمثالهم، تسلية لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم، فقال (وما أرسلنا في قرية) من القرى التي أهلكناها بالعذاب. وقيل: في سائر القرى، عن الجبائي (من نبي) وهو من يؤدي عنا بلا واسطة البشر، فلم يؤمنوا به بعد قيام