الصحيفة وقيل: كتابا معلقا من السماء إلى الأرض، عن ابن عباس (فلمسوه بأيديهم) أي: فعاينوا ذلك معاينة، ومسوه بأيديهم، عن قتادة، وغيره، قالوا اللمس باليد أبلغ في الإحساس من المعاينة، ولذلك قال (فلمسوه بأيديهم) دون أن يقول، فعاينوه (لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) أخبر سبحانه أنهم يدفعون الدليل حتى لو أتاهم الدليل مدركا بالحس، لنسبوا ذلك إلى السحر، لعظم عنادهم، وقساوة قلوبهم.
وفي هذه الآية دلالة على ما يقوله أهل العدل في اللطف، لأنه تعالى بين أنه إنما لم يفعل ما سألوه، حيث علم أنهم لا يؤمنون عنده. وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون 8 ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون 9 ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون 10 اللغة: قال الزجاج: قضي في اللغة على ضروب كلها يرجع إلى معنى انقطاع الشئ وتمامه، وقد ذكرنا معاني القضاء في سورة البقرة عند قوله: (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) يقال: لبست الأمر على القوم ألبسه لبسا: إذا شبهته عليهم، وجعلته مشكلا قال ابن السكيت: يقال لبست عليه الأمر إذا خلطته عليه، حتى لا يعرف جهته. ومعنى اللبس: منع النفس من إدراك الشئ بما هو كالستر له.
وأصله من الستر بالثوب: وهو لبس الثوب، لأنه يستر النفس. يقال: لبست الثوب ألبسه لباسا ولبسا. والحيق: ما يشتمل على الانسان من مكروه فعله، يقال حاق بهم، يحيق، حيقا، وحيوقا، وحيقانا، بفتح الياء.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار أنهم (قالوا لولا) أي: هلا (أنزل عليه) أي: على محمد (ملك) نشاهده فنصدقه. ثم أخبر تعالى عن عظم عنادهم فقال (ولو أنزلنا ملكا) على ما اقترحوه، لما آمنوا به، واقتضت الحكمة استئصالهم، وأن لا ينظرهم، ولا يمهلهم، وذلك معنى قوله (لقضي الأمر ثم لا