كانوا عليه من الاستكبار، فقال (ونادى) أي: وسينادي (أصحاب النار) وهم المخلدون في النار، وفي عذابها (أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء، أي:
صبوا علينا من الماء نسكن به العطش، أو ندفع به حر النار (أو مما رزقكم الله) أي: أعطاكم الله من الطعام، عن السدي، وابن زيد (قالوا) يعني أهل الجنة جوابا لهم (إن الله حرمهما على الكافرين).
ويسأل، فيقال: كيف ينادي أهل الجنة، وأهل النار، وأهل الجنة في السماء على ما جاءت به الرواية، وأهل النار في الأرض، وبينهما أبعد الغايات من البعد؟
وأجيب عن ذلك بأنه يجوز أن يزيل الله تعالى عنهم ما يمنع من السماع، ويجوز أن يقوي الله أصواتهم فيسمع بعضهم كلام بعض.
(الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا) أي: أعدوا دينهم الذي أمرهم الله تعالى به للهو واللعب، دون التدين به وقيل: معناه اتخذوا دينهم الذي كان يلزمهم التدين به والتجنب من محظوراته لعبا ولهوا، فحرموا ما شاؤوا، واستحلوا ما شاؤوا بشهواتهم، (وغرتهم الحياة الدنيا) أي: اغتروا بها وبطول البقاء فيها، فكأن الدنيا غرتهم (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا) أي: نتركهم في العذاب، كما تركوا التأهب والعمل، للقاء هذا اليوم، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقيل:
معناه نعاملهم معاملة المنسي في النار، فلا نجيب لهم دعوة، ولا نرحم لهم عبرة، كما تركوا الاستدلال حتى نسوا العلم، وتعرضوا للنسيان، عن الجبائي (وما كانوا بآياتنا يجحدون) ما في الموضوعين بمعنى المصدر، وتقديره كنسيانهم لقاء يومهم هذا، وكونهم جاحدين لآياتنا.
واختلف في هذه الآية، فقيل: إن الجميع كلام الله تعالى، على غير وجه الحكاية، عن أهل الجنة، وتم كلام أهل الجنة عند قوله (حرمهما على الكافرين). وقيل: إنه من كلام أهل الجنة، إلى قوله: (الحياة الدنيا)، ثم استأنف تعالى الكلام بقوله: (فاليوم ننساهم). ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون 52 هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل