وقال آخر:
نهانا رسول الله أن نقرب الخنا (1) وأن نشرب الإثم الذي يوجب الوزرا والبغي: الظلم والفساد، وقوله (بغير الحق) تأكيد كقوله: (ويقتلون النبيين بغير حق). وقيل: قد يخرج البغي من كونه ظلما، إذا كان بسبب جائز في الشرع، كالقصاص (وأن تشركوا بالله) أي: وحرم الشرك بالله (ما لم ينزل به سلطانا) أي:
لم يقم عليه حجة، وكل إشراك بالله فهو بهذه الصفة، ليس عليه حجة، ولا برهان (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) أي: وحرم القول على الله بغير علم.
ثم بين تعالى ما فيه تسلية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تأخير عذاب الكفار، فقال (ولكل أمة أجل) أي: لكل جماعة، وأهل عصر، وقت لاستئصالهم، عن الحسن. ولم يقل لكل أحد لأن ذكر الأمة يقتضي تقارب أعمار أهل العصر. ووجه آخر وهو: إنه يقتضي إهلاكهم في الدنيا بعد إقامة الحجة عليهم، بإتيان الرسل. وقال الجبائي:
المراد بالأجل هنا أجل العمر الذي هو مدة الحياة، وهذا أقوى، لأنه يعم جميع الأمم (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون) أي: لا يتأخرون (ساعة) عن ذلك الوقت (ولا يستقدمون) أي: لا يتقدمون ساعة على ذلك الوقت. وقيل، معناه لا يطلبون التأخر عن ذلك الوقت للأياس عنه، ولا يطلبون التقدم عليه، ومعنى (جاء أجلهم): قرب أجلهم، كما يقال جاء الصيف: إذا قارب وقته.
يا بني آدم إما يأتيكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 35 والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 36.
الاعراب: (إما) أصله إن الجزاء دخلت عليه ما، ولدخولها دخلت النون الثقيلة في (يأتينكم) ولو قال: إن يأتينكم، لم يجز. وقد شرحنا هذا في سورة البقرة، وبيناه. وقال سيبويه: إن حتى وإما وإلا لا يجوز فيهن الإمالة، لأن هذه