والجبائي. جعل انتباههم من النوم بعثا (ليقضى أجل مسمى) معناه: لتستوفوا آجالكم، وترتيب الآية: وهو الذي يتوفاكم بالليل، ثم يبعثكم في النهار، على علم بما تجترحون بالنهار، ليقضى أجل مسمى. فاللام تتصل بقوله: (ثم يبعثكم فيه) إلا أنه قدم ما من أجله بعثنا بالنهار، لأنه أهم والعناية به أشد عن علي بن عيسى.
ومعنى القضاء: فصل الأمر على تمام. ومعنى قضاء الأجل: فصل مدة العمر من غيرها بالموت. وفي هذا حجة على النشأة الثانية، لأن منزلتها بعد الأولى، كمنزلة اليقظة بعد النوم، في أن من قدر على أحدهما فهو قادر عل الآخر.
(ثم إليه مرجعكم) يريد: إذا تمت المدة المضروبة لكل نفس، نقله إلى الدار الآخرة، ومعنى (إليه) إلى حكمه وجزائه، وإلى موضع ليس لأحد سواه فيه أمر (ثم ينبئكم) يخبركم (بما كنتم تعملون) أي: بما غفلتم عنه من أعمالكم.
وفي هذه الآية دلالة على البعث والإعادة، نبه الله سبحانه على ذلك بالنوم واليقظة، فإن كلا منهما لا يقدر عليه غيره تعالى، فأما ما يصح إعادته من الأشياء، فالصحيح من مذهب أهل العدل فيه، أن يكون الشئ من فعل القديم سبحانه، القادر لذاته، وأن يكون مما يبقى، وأن لا يكون مما يتولد عن سبب.
وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاءكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون 61 ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق إلا له الحكم وهو أسرع الحاسبين 62.
القراءة: قرأ حمزة وحده: (توفاه)؟ الباقون: بالتاء، وقرأ الأعرج:
(يفرطون) في الشواذ.
الحجة: حجة من قرأ بالتاء قوله: (فقد كذبت رسل)، و (قالت رسلهم).
وحجة حمزة أنه فعل متقدم مسند إلى مؤنث غير حقيقي، وإنما التأنيث للجمع، فهو مثل: (وقال نسوة)، إن كانت الكتابة في المصحف با لياء، فليس ذلك بخلاف، لأن الألف الممالة قد كتبت بياء. وقراءة الأعرج. من أفرط في الأمر إذا زاد فيه.
وقراءه العامة من (فرط) في الأمر إذا قصر فيه، فهو بمعنى: لا يقتصرون فيما يؤمرون به من توفي من تحضره منيته، وذاك بمعنى. لا يزيدون على ذلك، ولا يتوفون إلا