من العزيز، ومنات من المنان، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: إن معنى (يلحدون في أسمائه): يصفونه بما لا يليق به، ويسمونه بما لا يجوز تسميته به.
وهذا الوجه أعم فائدة، ويدخل فيه قول الجبائي أراد تسميتهم المسيح بأنه أبن الله، وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز أن يسمى الله تعالى، إلا بما سمى به نفسه.
(سيجزون ما كانوا يعملون) في الآخرة. وقيل: في الدنيا والآخرة (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق): أخبر سبحانه من جملة من خلقه جماعة وعصبة، يدعون الناس إلى توحيد الله تعالى، وإلى دينه، وهو الحق يرشدونهم إليه (وبه يعدلون) أي: وبالحق يحكمون. وروى ابن جريج، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (هي لأمتي بالحق يأخذون، وبالحق يعطون. وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها، (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون). وقال الربيع بن أنس: قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية، فقال: إن من أمتي قوما على الحق، حتى ينزل عيسى بن مريم.
وروى العياشي بإسناده عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، أنه قال: (والذي نفسي بيده، لتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا فرقة واحدة (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) فهذه التي تنجو) وروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: (نحن هم).
النظم: قيل في وجه اتصال هذه الآية بما قبلها وجهان أحدهما: إنه لما بين في الآية المتقدمة، حال قوم من الكفار، يغفلون عن الحق، بين في هذه الآية أن من جملة ما خلق من يهدي إلى دينه بالحق، ويحكم بالعدل. والآخر: إنه يتصل بقوله (ذرأنا) فكأنه قال: خلقنا قوما صفتهم كذا وكذا، وقوما صفتهم كذا.
والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون 182 وأملي لهم إن كيدي متين 183 أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين 184 أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون 185 من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون 186.