المشركون) وقيل: بكلماته أي: بأمره لكم بالقتال (ويقطع دابر الكافرين) أي:
يستأصلهم فلا يبقي منهم أحدا، يعني كفار العرب (ليحق الحق) أي: إنما يفعل ذلك ليظهر الاسلام (ويبطل الباطل) أي: الكفر بإهلاك أهله (ولو كره المجرمون) أي: الكافرون. وذكر البلخي، عن الحسن: ان قوله (وإذ يعدكم الله) الآية، نزلت قبل قوله (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) وهي في القراءة بعدها.
قصة غزاة بدر: قال أصحاب السير، وذكر أبو حمزة، وعلي بن إبراهيم، في تفسيرهما، دخل حديث بعضهم في بعض: أقبل أبو سفيان بعير قريش من الشام، وفيها أموالهم وهي اللطيمة (1)، وفيها أربعون راكبا من قريش. فندب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه للخروج إليها ليأخذوها، وقال لعل الله أن ينفلكموها. فانتدب الناس، فخف بعضهم، وثقل بعضهم، ولم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلقي كيدا، ولا حربا. فخرجوا لا يريدون إلا أبا سفيان، والركب لا يرونها إلا غنيمة لهم.
فلما سمع أبو سفيان بمسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري، فبعثه إلى مكة، وأمره أن يأتي قريشا، فيستنفرهم ويخبرهم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم قد تعرض لعيرهم في أصحابه. فخرج ضمضم سريعا إلى مكة.
وكانت عاتكة بنت عبد المطلب رأت فيما يرى النائم، قبل مقدم ضمضم بن عمرو، بثلاث ليال، أن رجلا أقبل على بعير له ينادي: يا آل غالب! اغدوا إلى مصارعكم. ثم وافى بجمله على أبي قبيس، فأخذ حجرا فدهدهه من الجبل، فما ترك دارا من دور قريش إلا أصابته منه فلذة، فانتبهت فزعة من ذلك، وأخبرت العباس بذلك، فأخبر العباس عتبة بن ربيعة، فقال عتبة: هذه مصيبة تحدث في قريش! وفشت الرؤيا فيهم، وبلغ ذلك أبا جهل، فقال. هذه نبية ثانية في بني عبد المطلب، واللات والعزى لننطرن ثلاثة أيام، فإن كان ما رأت حقا، وإلا لنكتبن كتابا بيننا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا ونساء من بني هاشم!
فلما كان اليوم الثالث، أتاهم ضمضم يناديهم بأعلى الصوت: يا آل غالب! يا آل غالب! اللطيمة اللطيمة! العير العير! أدركوا وما أراكم تدركون، إن محمدا، والصباة من أهل يثرب، قد خرجوا يتعرضون لعيركم! فتهيأوا للخروج وما بقي أحد