وما ينجي من الغمرات إلا براكاء القتال، أو الفرار ومنه تبارك الله أي: تعالى بصفة إثبات، لا أول له ولا آخر، وهذا تعظيم لا يستحقه غير الله تعالى (فاتبعوه) أي. اعتقدوا صحته، واعملوا به، وكونوا من أتباعه (واتقوا) معاصي الله ومخالفته، ومخالفة كتابه (لعلكم ترحمون) أي: لكي ترحموا، وإنما قال (واتقوا لعلكم ترحمون) مع أنهم إذا اتقوا رحموا لا محالة، لأمرين أحدهما أنه اتقوا على رجاء الرحمة، لأنكم لا تدرون بما توافون في الآخرة والثاني: اتقوا لترحموا أي: ليكن الغرض بالتقوى منكم طلب ما عند الله من الرحمة، والثواب.
أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين 156 أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون 157. الاعراب: قال الزجاج: (أن تقولوا) معناه عند البصريين: كراهة أن تقولوا، وهم لا يجيزون إضمار لا فلا يقولون: جئت أن أكرمك أي: لأن لا أكرمك، ولكن يجوز فعلت ذلك أن أكرمك على إضمار محبة أن أكرمك، أو كراهة أن أكرمك، ويكون الحال ينبئ عن الضمير و (أو تقولوا): نصب (تقولوا) بأنه معطوف على (أن تقولوا) أي: أو كراهة أن تقولوا، وأقول: أراد أنه مفعول له على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، وإذا كان حذف المضاف يطرد جوازه مع غير أن فلأن يجوز مع أن أجدر مع طول الكلام بالصلة. وقال الكسائي: موضع (أن تقولوا) نصب باتقوا أي: اتقوا يا أهل مكة أن تقولوا و (لو أنا) فتحت أن بعد (لو) مع أنه لا يقع فيه المصدر، لأن الفعل مقدر بعد (لو) فكأنه قيل: لو وقع إلينا أنا أنزل الكتاب علينا، إلا أن هذا الفعل لا يظهر من أجل طول (أن) بالصلة، ولا