يحملها القائم بها ليؤديها إلى غيره. والنصيحة: إخلاص النية من شائب الفساد في المعاملة. والفلك والسفن، يقع على الواحد، وعلى الجمع، وأصله الدور، مشتق من قولهم فلك ثدي الجارية: إذا استدار، ومنه الفلكة، والفلك.
الاعراب: (يا قوم): حذفت ياء الإضافة لقوة النداء على التغيير، حتى يحذف للترخيم، فلما جاز أن يحذف في غير النداء للاجتزاء بالكسرة منها، لزم أن يحذف فيه لاجتماع سببين فيها (لكني) أصله لكنني، حذفت النون لاجتماع النونات، ويجوز الإتمام في غير القرآن، لأنه الأصل، وكذلك أني وكأني، فأما ليتني فلا يجوز فيه إلا إثبات النون، لأنه لم يعرض فيه علة الحذف، وأما لعلي فيجوز فيه الوجهان، لأن اللام قريبة من النون، (رسول من رب العالمين): من هنا، لابتداء الغاية أي: هو ابتدائي بالرسالة، وكل مبتدأ بفعل، فذلك الفعل منه.
وأصل (من) أن يكون لابتداء الغاية.
المعنى: لما بين سبحانه الأدلة على وحدانيته، ذكر بعده حال من عاند وكذب رسله، تسلية لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتثبيتا له على احتمال الأذى من قومه، وتحذيرا لهم عن الاقتداء بأولئك، فينزل بهم ما نزل بهم، وابتدأ بقصة نوح، فقال: (لقد أرسلنا نوحا إلى قومه): اللام للقسم، وقد تأكيد للكلام، وتقديره حقا أقول: إنا حملنا نوحا الرسالة إلى قومه. وتحميل الرسالة: تكليفه القيام بها، وهي منزلة جليلة شريفة، يستحق الرسول بتقبله إياها، وقيامه بأعبائها من التعظيم والإجلال، ما لا يستحق بغيره.
وهو نوح بن ملك بن متوشلخ بن أخنوخ النبي، وهو إدريس عليه السلام، وهو أول نبي بعد إدريس. وقيل: إنه كان نجارا، وولد في العام الذي مات فيه آدم عليه السلام قبل موت آدم في الألف الأولى. وبعث في الألف الثانية، وهو ابن أربعمائة. وقيل:
بعث وهو ابن خمسين سنة، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. وكان في تلك الألف ثلاثة قرون عايشهم وعمر فيهم، وكان يدعوهم ليلا ونهارا، فلا يزيدهم دعاؤه إلا فرارا، وكان يضربه قومه حتى يغشى عليه، فإذا أفاق قال: اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون ثم شكاهم إلى الله تعالى، ففرغت له الدنيا، وعاش بعد ذلك تسعين سنة، وروي أكثر من ذلك أيضا.