والضرب الآخر: أن يكون نشرا ينتصب انتصاب المصدر من باب صنع الله، لأنه إذا قال يرسل الرياح، دل هذا الكلام على تنشر الرياح نشرا، أو تنشر نشرا من قوله (كما تنشر بعد الطية الكتب) ومن نشرت الريح كما ينشر الميت.
وقرأ عاصم (بشرا) جمع بشير وبشر من قوله (يرسل الرياح مبشرات) أي:
تبشر بالمطر والرحمة. وجمع بشيرا على بشر، ككتاب وكتب. الوجه في قراءة أبي جعفر نكدا أنه لغة في نكد، قال الزجاج: ويجوز فيه وجهان آخران: نكدا ونكدا، إلا أنه لم يثبت بهما رواية.
اللغة: الإقلال: حمل الشئ بأسره، حتى يقل في طاقة الحامل له بقوة جسمه، يقال: استقل بحمله استقلالا وأقله إقلالا. والسحاب: الغيم الجاري في السماء، يقال: سحبته فانسحب. والسوق: حث الشئ في السير حتى يقع الإسراع فيه، يقال ساقه واستاقه. والبلد: هو الأرض التي تجمع الخلق الكثير.
والبادية: كالبلد للأعراب ونحوهم من الأكراد. والنكد: العسر الممتنع من إعطاء الخير على وجه البخل، يقال: نكد، ينكد، نكدا، ونكدا، فهو نكد، ونكد.
وقد نكد: إذا سئل فبخل، قال الشاعر:
وأعط ما أعطيته طيبا لا خير في المنكود والناكد المعنى: لما أخبر الله سبحانه في الآية المتقدمة، بأنه خلق السماوات والأرض، وما فيها من البدائع، عطف على ذلك بقوله (وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته) تعداد النعمة على بريته أي: يطلقها ويجريها منتشرة في الأرض، أو محيية للأرض، أو مبشرة بالغيث على ما تقدم بيانه، قدام رحمته، وهو المطر (حتى إذا أقلت) أي: حملت. وقيل: رفعت (سحابا ثقالا) بالماء (سقناه لبلد ميت) أي: إلى بلد ميت. وموت البلد: تعفي مزارعه، ودروس مشاربه، لا نبات فيه ولا زرع، ولم يقل سقناها، لأنه رد الضمير إلى لفظ السحاب، والرياح تجمع السحاب من المواضع المختلفة، حتى إذا اتصل السحاب، أنزل المطر.
(فأنزلنا به الماء) يجوز أن يكون الضمير في (به) راجعا إلى البلد أي:
فأنزلنا بالبلد الماء، ويجوز أن يكون راجعا إلى السحاب، أي: فأنزلنا بالسحاب الماء (فأخرجنا به) أي: بهذا الماء المنزل، أو بهذا البلد (من كل الثمرات)