كلما غطى سام ما يكشفه الريح، كشفه حام ويافث.
فانتبه نوح فرآهم يضحكون، فقال: ما هذا؟ فأخبره سام بما كان، فرفع نوح يده إلى السماء يدعو، فقال: اللهم غير ماء صلب حام، حتى لا يولد له إلا السودان. اللهم غير ماء صلب يافث، فغير الله ماء صلبيهما، فجميع السودان من صلب حام حيث كانوا، وجميع الترك، والسقلاب، ويأجوج، ومأجوج، والصين من يافث. وجميع البيض سواهم من سام.
وقال نوح لحام ويافث: جعل الله ذريتكما خولا (1) لذرية سام إلى يوم القيامة، لأنه بر بي وعققتماني، فلا زالت سمة عقوقكما لي في ذريتكما ظاهرة، وسمة البر بي في ذرية سام ظاهرة، ما بقيت الدنيا.
قال الشيخ أبو جعفر بن بابويه القمي، رحمه الله: ذكر يافث في هذا الخبر غريب لم أروه إلا من هذا الطريق، وجميع الأخبار التي رويتها في هذا المعنى، فيها ذكر حام وحده، وأنه ضحك لما انكشفت عورة أبيه، وإن ساما ويافث، كانا في ناحية، فبلغهما ما صنع، فأقبلا ومعهما ثوب، وهما معرضان، وألقيا عليه الثوب، وهو نائم، فلما استيقظ أوحى الله عز وجل إليه الذي صنع حام، فلعن حاما، ودعا عليه.
وروى إبراهيم بن هاشم، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: عاش نوح ألفي سنة، وخمسمائة سنة، منها ثمانمائة وخمسين قبل أن يبعث، وألف سنة إلا خمسين عاما، وهو في قومه يدعوهم، ومأتي عام في عمل السفينة، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة، ونضب الماء، فمصر الأمصار، وأسكن ولده البلدان. ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس، فقال:
السلام عليك يا ملك الموت. فقال: جئت لأقبض روحك. فقال له: تدعني أتحول من الشمس إلى الظل؟ فقال له: نعم. قال: فتحول نوح. ثم قال له يا ملك الموت كان ما مر بي من الدنيا، مثل تحولي من الشمس إلى الظل، فامض لما أمرت به. قال: فقبض روحه عليه السلام.