ريحا)، فلأن عامة ما جاء في التنزيل على لفظ (الرياح) للسقيا والرحمة، كقوله تعالى (وأرسلنا الرياح لواقح)، و (يرسل الرياح مبشرات). وما جاء بخلاف ذلك، جاء على الإفراد كقوله (فأهلكوا بريح صرصر عاتية) (ريح فيها عذاب أليم)، قال أبو عبيدة: نشرا: متفرقة من كل جانب، وقال أبو زيد: أنشر الله الموتى انشارا: إذا بعثها، وأنشر الله الريح مثل أحياها فنشرت هي أي حييت.
والدليل على أن إنشار الريح، إحياؤها، قول المرار الفقعسي:
وهبت له ريح الجنوب، وأحييت * له ريدة يحيي المياه نسيمها (1) والريدة والريدانة: الريح، قال: (أودت به ريدانة صرصر). ومن قرأ (نشرا): يحتمل ضربين: يجوز أن يكون جمع ريح نشور، وريح ناشر، ويكون على معنى النسب، فإذا جعلته جمع نشور احتمل أمرين أحدهما: أن يكون النشور بمعنى المنشر، كما أن الركوب بمعنى المركوب، فكان المعنى ريح، أو رياح منشرة. ويجوز أن يكون جمع نشور يراد به الفاعل، مثل طهور، ونحوه من الصفات، ويجوز أن يكون نشرا جمع ناشر، كشاهد وشهد، ونازل ونزل، وقاتل وقتل. قال الأعشى: (إنا لأمثالكم يا قومنا قتل).
وقول ابن عامر (نشرا) يحتمل الوجهين أحدهما: أن يكون على فعول وفاعل، وخفف العين كما خفف في كتب ورسل، ويكون جمع فاعل كنازل، ونزل، وعايط وعيط.
وأما من قرأ (نشرا): فإنه يحتمل ضربين أحدهما: أن يكون المصدر حالا من الريح، فإذا جعلته حالا منها احتمل أمرين أحدهما: أن يكون النشر الذي هو خلاف الطي، كأنها كانت بانقطاعها كالمطوية. ويجوز على تأويل أبي عبيدة أن تكون متفرقة في وجوهها والآخر: أن يكون النشر الذي هو الحياة في نحو قوله (يا عجبا للميت الناشر، فإذا حملته على ذلك، وهو الوجه، كان المصدر يراد به الفاعل، كما تقول أتانا ركضا أي: راكضا. ويجوز أن يكون المصدر، يراد به المفعول، كأنه يرسل الرياح انشارا أي: محياة، فحذف الزوائد من المصدر، كما قال: عمرك الله، وكما قال: (وأن يهلك فذلك كان قدري) أي: تقديري.