قرن، إلا كان أعتى على الله من الذين قبلهم.
وكان الرجل منهم يأتي بابنه وهو صغير، فيقيمه على رأس نوح، فيقول: يا بني إن بقيت بعدي، فلا تطيعن هذا المجنون. وكانوا يثورون إلى نوح، فيضربونه حتى يسيل مسامعه دما، وحتى لا يعقل شيئا مما يصنع به، فيحمل فيرمى به في بيت، أو على باب داره. مغشيا عليه.
فأوحى الله تعالى إليه: إنه لن يؤمن من قومك إلا من آمن. فعندها أقبل على الدعاء عليهم، ولم يكن دعا عليهم قبل ذلك، فقال: (رب لا تذر على الأرض) إلى آخر السورة.
فأعقم الله تعالى أصلاب الرجال، وأرحام النساء، ولبثوا أربعين سنة، لا يولد لهم ولد، وقحطوا في تلك الأربعين سنة حتى هلكت أموالهم، وأصابهم الجهد والبلاء، ثم قال لهم نوح: (استغفروا ربكم إنه كان غفارا) الآيات، فأعذر إليهم، وأنذر، فلم يزدادوا إلا كفرا.
فلما يئس منهم، أقصر عن كلامهم، ودعائهم، فلم يؤمنوا وقالوا: (لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا) الآية. يعنون آلهتهم، حتى غرقهم الله وآلهتهم التي كانوا يعبدونها.
فلما كان بعد خروج نوح من السفينة، وعبد الناس الأصنام، سموا أصنامهم أصنام قوم نوح، فاتخذ أهل اليمن يغوث ويعوق، وأهل دومة الجندل صنما سموه ودا، واتخذت حمير صنما سمته نسرا، وهذيل صنما سموه سواعا، فلم يزالوا يعبدونها حتى جاء الاسلام.
وسنذكر قصة السفينة والغرق في سورة هود إن شاء الله تعالى.
وروى الشيخ أبو جعفر بن بابويه، عن علي بن أحمد بن موسى، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا سهل بن زياد الأدمي، قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: سمعت علي بن محمد عليه السلام يقول:
عاش نوح عليه السلام ألفين وخمسمائة سنة، وكان يوما في السفينة نائما، فهبت ريح فكشفت عورته، فضحك حام ويافث، وزجرهما سام، ونهاهم عن الضحك، وكان