وقد روي أن هندا قالت للنبي (صلى الله عليه وآله): إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني أنا وولدي أفآخذ من غير علمه؟ فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف (1).
فذكرت الشح والظلم لها وولدها ولم يزجرها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ كان قصدها الاستفتاء، وفي هذا الحكم إشكال إذا كان سبيل إلى التعريض وعدم التصريح.
الرابع: تحذير المسلم من الوقوع في الخطر والشر ونصح المستشير، فإذا رأيت متفقها يتلبس بما ليس من أهله فلك أن تنبه الناس على نقصه وقصوره عما تأهل نفسه له وتنبههم على الخطر اللاحق لهم بالانقياد إليه، وكذلك إذا رأيت رجلا تردد إلى فاسق يخفي أمره وخفت عليه من الوقوع بسبب الصحبة فيما لا يوافق الشرع فلك أن تنبهه على فسقه مهما كان الباعث الخوف على إفشاء البدعة وسراية الفسق، وهذا موضع الغرور والخديعة من الشيطان، إذ قد يكون الباعث هو الحسد على تلك المنزلة فيلبس عليك الشيطان.
ومن هذا القبيل الوقيعة في المبتدعين; روى الكليني بطريق صحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلموا من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع الله لكم به الدرجات في الآخرة (2).
وفي الخبر: من كمال الدين الوقوع في أهل الريبة (3).
قالوا: وكذلك إذا رأيت رجلا يشتري مملوكا وقد عرفت المملوك بعيوب منقصة فلك أن تذكرها للمشتري، فإن في سكوتك ضررا للمشتري، وفي ذلك ضرر للعبد، لكن المشتري أولى بالمراعاة، ومن اللازم أن يقتصر على العيب المنوط به ذلك الأمر، فلا يذكر في عيب التزويج ما يخل بالشركة والمضاربة مثلا، بل إنما يذكر ما يتعلق بذلك من غير تجاوز عنه قاصدا نصح المستشير. ولو حصل