التخيير بين القصر والاتمام ومنها الاتمام مع السعة والقصر مع الضيق وسبب الاختلاف تعارض الأخبار الصحيحة على وجه لا يكاد يجمع بينها ففي خبر محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام اعتبار حال الوجوب فيهما فيتم في الأول ويقصر في الثاني وضده في خبر إسماعيل بن جابر عنه عليه السلام فإنه اعتبر حال الأداء فيهما فيقصر في الأول ويتم في الثاني وقال فيه فإن لم تفعل فقد والله خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله ويدل على التفصيل بالسعة والضيق خبر إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السلام وفى الباب أخبار أخرى صحيحة مختلفة والمسألة من أشكل الأبواب وكذا القول في القضاء بمعنى أنه لو فاتته الصلاة في الموضعين قضاها تماما اعتبارا بحال الأداء لعموم من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته وفيه أيضا أقوال أخرى هذا أجودها ولو نوى المسافر في غير بلده إقامة عشرة أيام أتم كما مر فلو خرج إلى أقل من مسافة بعد إن صلى تماما عازما للعود إلى موضع الإقامة والإقامة عشرا مستأنفة لم يقصر في خروجه ولا في عوده لانتفاء الموجب وهو قصد المسافة وانقطاع السفر الأول بالإقامة وهذه المسألة موضع وفاق وإنما وقع الخلاف فيما لو لم يعزم على العود وإقامة عشرة مستأنفة أما مع العود لا مع الإقامة أو مع عدمهما أو لتردد فيهما أو في أحدهما أو مع ذهوله عن ذلك فالمصنف رحمه الله أوجب القصر في الجميع من حين خروجه لبطلان حكم البلد بمفارقتها فيعود إليه حكم السفر بل هو مسافر بالفعل وفصل الشهيد رحمه الله فأوجب القصر كما اختاره المصنف مع عدم قصد العود إلى البلد والاتمام ذاهبا والقصر راجعا إليه إن قصده أما الاتمام ذاهبا فلما مر من أن الإقامة تقطع السفر ويفتقر بعدها إلى قصد المسافة ولم يحصل لان الفرض كون الخروج إلى ما دون المسافة وأما القصر في العود فلانه قاصد إلى بلده في الجملة أما في السفر أو في سفر آخر والحال أنه لم يقصد الإقامة عشرا واختلف كلامه في الموضع الذي قصده دون المسافة فحكم في البيان بالاتمام فيه وهو الموافق لهذا الدليل الدال على الاتمام في الذهاب ومقتضى كلام الدروس القصر فيه كالعود لأنه قال وإن نوى العود ولم ينو الإقامة عشرا فوجهان أقربهما القصر إلا في الذهاب ولا شك إن المقام في المقصد يوما وأياما لا يسمى ذهابا ووجه القصر فيه غير واضح بل هو في حكم الذهاب كيف كان لأنه في الذهاب أما أن يكون مسافرا سفرا يقصر في مثله فيجب القصر في المقصد أيضا استصحابا لما كان ولعدم الخروج عن الحكم السابق بمجرد المقام من دون أن يكون عشرا منوية وإن كان فرضه في الذهاب التمام كما اعترف به فأولى أن يتم في المقام في المقصد لأنه أبعد عن اسم المسافر والحال أنه لم يتجدد بعد الوصول ما يوجب القصر والتحقيق في هذه المسألة إن القولين أعني قول الشهيد والمصنف لا يأتيان في جميع الموارد بل كل منهما يصح في مادة دون أخرى وبأن ذلك إن هذه المسألة ليست من المسائل الأصول المنصوصة على الخصوص ليتبع فيها حكم معين وإنما هي فرع على مسألة ناوي الإقامة عشرة في غير بلده ومن ثم اختلفت فيها الأنظار واضطرب فيها التفريع وأول من ذكرها الشيخ في المبسوط بلفظ وارد على جزئية معينة سالمة من كثير مما يرد على ما أطلقه المتأخرون ونحن قد أفردنا لتحقيقها وذكر أقسامها وما يتم فيه قول كل واحد من الأصحاب رسالة مفردة من أراد الاطلاع على الحال فليقف عليها غير إنا نقول هنا خروج ناوي الإقامة عشرة إلى ما دون المسافة لا يخلو أما أن يكون بعد الصلاة تماما أو ما في حكمها وهو موضع النزاع هنا وإن كان الأصحاب قد أطلقوا الخروج وأما أن يكون قبله وعلى الثاني يرجع إلى التقصير بمجرد العزم على الخروج وإن كان في نفسه تجديد إقامة العشرة بعد الرجوع وقد تقدم الوجه في ذلك وعلى الأول لا يخلو أما أن يكون موضع إقامته على رأس المسافة أو قبله وعلى الأول أما أن يكون في نهاية المقصد أو قبله وعلى التقديرين أما أن يكون موضع الذي خرج إليه المفروض كونه دون المسافة إلى جهة بلده التي أنشأ السفر منها أو مقابلا لها أو بين الجهتين وعلى تقدير كون الإقامة قبل بلوغ المقصد لا يخلو أما أن يكون
(٣٩٩)