قدر عدم فعلها كان عقابه عقاب تارك الصلاة تامة فهو في قوة الوقوع بخلاف الوجوب المتقدم على الصلاة فإنه وجوب مشروط بالبقاء على النية إلى أن يفرغ من الصلاة أو يركع في الثالثة كما سيأتي ومتى رجع قبل الصلاة سقط الحكم بوجوب إتمامها إجماعا فافترقا مع أنه لو قيل بأن الفارق بينهما الاجماع على عدم البقاء في تلك الحالة بخلاف هذه كان كافيا لكن بقي اللازم من ذلك أنه لو رجع عن نية الإقامة في أثناء الصلاة وقد شرع في الثالثة لم يؤثر ذلك ويبقى على التمام لوقوعها بعد حصول أثر لا يصح بدون الإقامة ولا يشترط الركوع في الثالثة وهو موافق لظاهر كثير من عبارات المصنف وفى بعضها اشتراط الركوع في الثالثة القيد الثاني كونها فريضة فلو رجع بعد صلاة نافلة فإن كانت ثابتة في السفر فلا ريب في عدم تأثيرها كنافلة المغرب وإن كانت ساقطة كنافلة الظهر أو العصر فمقتضى الرواية عدم تأثير التعليق الحكم على الفريضة فلا يصدق اسم المعلق عليه على ما فعل وهو مختار الذكرى ويحتمل قويا الاجتزاء بها لأنها من آثار الإقامة وما تقدم من الدليل على الاكتفاء بالصوم آت هنا وهو مختار المصنف في النهاية ولو شرع في الصوم المندوب فإن جوزناه سفرا لم يؤثر لعدم كونه من آثار الإقامة وإن منعناه احتمل ذلك أيضا لعدم كونه صلاة فريضة بل هو أبعد من الصوم الواجب لمباينته لصلاة الفريضة في وصفين بخلاف الواجب فإنه يخالفها في وصف واحد فمنع تأثير الصوم الواجب يقتضى منع تأثير المندوب بطريق أولى ويحتمل قويا الاجتزاء به لما مر في الصوم الواجب فإنه أثر لا يتم بدون الإقامة فهو أحد الآثار كالفريضة التامة وجملة ما اشترك بين هذه الفروع إن اللازم أما منع الجميع نظرا إلى ظاهر النص أو تجويز الجميع التفاتا إلى المشاركة في المعنى كما قد تحرر في الصوم الواجب لكن لا فرق في الصوم المندوب بين كون الرجوع حصل فيه قبل الزوال أو بعده لبطلانه بالسفر على التقديرين بخلاف الواجب القيد الثالث كون الصلاة تماما فلا تأثير لصلاة المقصورة وهل يشترط كون التمام بنية الإقامة أم يكفي مطلق التمام يحتمل الأول لان ذلك هو أثر الإقامة بل هو مقتضى الرواية لان السؤال وقع فيها عمن نوى الإقامة عشرا والثاني عملا بإطلاق التمام وتظهر الفائدة في مواضع منها ما لو صلى فرضا تماما ناسيا قبل نية الإقامة سواء خرج الوقت أم لا ومنها ما لو صلى تماما في أماكن التخيير بعد النية لشرف البقعة أما لو نوى التمام لأجل الإقامة فلا إشكال في التأثير ولو ذهل عن الوجه ففي اعتبارها وجهان من إطلاق الرواية حيث علق الحكم على صلاة الفريضة تماما مع أن الإقامة كانت بالمدينة فقد حصل الشرط ومن إن التمام كان سائغا له بحكم البقعة فلم تؤثر نية المقام ومنها ما لو نوى الإقامة عشرا في أثناء الصلاة قصرا فأتمها ثم رجع عن الإقامة بعد الفراغ فإنه يحتمل حينئذ الاجتزاء بهذه الصلاة لصدق التمام بعد النية ولأن الزيادة إنما حصلت بسببها فكانت من آثارها كما مر وعدمه لان ظاهر الرواية كون جميع الصلاة تماما بعد النية وقبل الرجوع عنها ولم يحصل والأول أقوى والتقريب ما تقدم ومنها ما لو نوى الإقامة ثم صلى بنية القصر ثم أتم أربعا ناسيا ثم تذكر بعد الصلاة ونوى الخروج فإن كان في الوقت فكمن لم يصل لوجوب إعادتها وإن كان قد خرج الوقت احتمل الاجتزاء بها لأنها صلاة تمام مجزية وعدمه لأنه لم يقصد التمام ولو خرج قاصد المسافة إلى موضع يحصل فيه الخفاء المعهود ولم يكن قد بلغ المسافة وصلى تقصيرا ثم رجع عن السفر انقطع سفره بمجرد الرجوع ولم يعد ما صلاه قصرا لرواية زرارة عن الصادق عليه السلام في الرجل يخرج في سفره الذي يريده فيرجع عن سفره وقد صلى ركعتين تمت صلاته ولأنه كان فرضه القصر وقد أتى به على وجهه وهو يقتضى الاجزاء ولو تردد عزمه في الذهاب فكالرجوع ولا فرق في ذلك بين كون الوقت باقيا وعدمه خلافا للشيخ في الاستبصار حيث ذهب إلى وجوب الإعادة مع بقاء الوقت تعويلا على رواية سليمان بن حفص المروزي قال قال الفقيه وعنى به الكاظم
(٣٩٦)