إجماعا كما أجمع على عدم البطلان بالتبسم وهو ما لا صوت معه وإن كره تعمد الفعل الكثير الذي ليس من الصلاة وهو ما يخرج فاعله به عن كونه مصليا عرفا دون القليل كلبس العمامة والرداء ومسح الجبهة وقتل الحية والعقرب لما روى إن النبي صلى الله عليه وآله قتل عقربا في الصلاة وأمر بقتل الأسودين الحية والعقرب فيها وفى صحيحة الحسين بن العلا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرى الحية والعقرب وهو يصلى المكتوبة قال يقتلها والمرجع في القلة والكثرة إلى العادة لأنها المرجع فيما لا تقدير له شرعا ولا عبرة بالعدد فقد يكون الكثير فيه قليلا كحركة الأصابع وحك البدن باليد كما يكون القليل فيه كثيرا كالطفرة الفاحشة ومن هنا جاز عد الركعات والتسبيح بالأصابع والسبحة وإن توالى لعدم الخروج به عن اسم المصلى ويعتبر فيه التوالي فلو تفرق بحيث حصلت الكثرة من اجتماع أجزائه وكل واحد منها لا يعد كثيرا فالظاهر عدم الابطال مع عدم دلالة العرف عليه وقد روى إن النبي صلى الله عليه وآله حمل أمامة بنت أبي العاص وهي ابنة ابنته وكان يضعها إذا سجد ويرفعها إذا قام وهذا الفعل لو جمع لكان كثيرا ومقتضى عطف المصنف الفعل الكثير على ما تقدم أنه يبطل مع العمد لا مع السهو وهو ظاهر غيره من الأصحاب لعموم قوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ و والنسيان ويشكل ذلك في الكثير الذي يوجب انمحاء صورة الصلاة وتعمد البكاء للدنيوية من الأمور كذهاب مال وفقد حي محبوب وإن وقع على وجه لا يمكن دفعه لكن به يرتفع الاثم واحترز بالعمد عن النسيان فإنه لا يبطل لعموم الخبر وبالدنيوية عن البكاء لأمر الآخرة كذكر الجنة والنار فإنه لا يبطل بل هو من أفضل الأعمال رواه أبو حنيفة عن الصادق عليه السلام وروى إن النبي صلى الله عليه وآله سمع في بعض صلاته لصدره أزيز بالزائين المعجمتين كأزيز المرجل وهو غليان صدره بالبكاء هذا إذا لم يشتمل على كلام ليس بقرآن ولا دعاء ولا ذكر وإلا أبطل أيضا ولو خرج منه حرفان بحيث لا يصدق عليهما اسم الكلام فكما مر في التنحنح وقطع المصنف هنا أيضا بعدم البطلان بهما والفارق بين البكاء المبطل وغيره القصد واعلم إن البكاء المبطل للصلاة هو المشتمل على الصوت لا مجرد خروج الدمع مع احتمال الاكتفاء به في البطلان ووجه الاحتمالين اختلاف معنى البكاء لغة مقصورا وممدودا والشك في إرادة أيهما من الاخبار قال الجوهري البكاء يمد ويقصر فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها قال الشاعر بكت عيني وحق لها بكاها وما يغنى البكاء ولا العويل وتعمد الأكل والشرب وهو في الجملة موضع وفاق لكن اختلف في السبب الموجب للبطلان فقيل كونه أكلا وشربا فيكفي فيه مسماهما واختاره الشيخ رحمه الله وفيه نظر لعدم الدليل الدال على ذلك وقيل لكونه فعلا كثيرا فيقيدان بالكثرة فلا يبطل ازدراد ما بين الأسنان ولا تذويب سكرة وضعها في فمه ونحوهما وهو أجود فلا خصوصية حينئذ للأكل والشرب بل الفعل الكثير ولو وضع في فمه لقمة ومضغها وابتلعها أو تناول قلة وشرب منها فقد قال المصنف في التذكرة والنهاية أنه مبطل أيضا لان التناول والمضغ والابتلاع أفعال كثيرة وكذا المشروب والأولى اعتبار الكثرة عرفا ولو فعل ذلك تأسيا لم تبطل مطلقا إجماعا كما ذكر في المنتهى إلا أن توجب محو صورة الصلاة رأسا فيجئ فيه ما مر في الفعل الكثير وهذا الحكم ثابت في جميع الصلوات فرضها ونفلها إلا في موضع واحد وهو الوتر لمن أصابه عطش وهو يريد الصوم وخاف فجئة الصبح لرواية سعيد الأعرج قلت لأبي عبد الله عليه السلام أنى أريد الصوم وأكون في الوتر فأعطش وأكره أن أقطع الدعاء وأشرب وأكره أن أصبح وأنا عطشان والماء في قلة بيني وبينها خطوتان أو ثلاثة قال تسعى إليها وتشرب منها حاجتك وتعود في الدعاء واشترط بعض الأصحاب مع ذلك أن لا يفعل ما ينافي الصلاة غير الشرب اقتصارا في الرخصة على موردها فلا يستدبر ولا يفعل فعلا كثيرا غير الشرب ولا يحمل نجاسة غير معفو عنها إلى غير ذلك وأكثره مستفادا من الرواية
(٣٣٣)