الإمامة عن محمد بن جرير الطبري الامامي، باسناده إلى الصادق (عليه السلام) وذكر (عليه السلام) دخوله مع أبيه (عليه السلام) على هشام في الشام، إلى أن قال: " فدخلنا وإذا قد قعد على سرير الملك، وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم، سماطان متسلحان، وقد نصب الغرض حذاه وأشياخ قومه يرمون، فلما دخلنا وأبي أمامي وأنا خلفه، فنادى أبي وقال: يا محمد ارم مع أشياخ قومك الغرض، فقال له (أبي) (1): إني قد كبرت عن الرمي، فإن رأيت أن تعفيني، فقال: وحق من أعزنا بدينه ونبيه محمد (صلى الله عليه وآله)، لا أعفيك، ثم أومأ إلى شيخ من بني أمية أن أعطه قوسك، فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ، ثم تناول منه سهما فوضعه في كبد القوس، ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصب (2) فيه، ثم رمى فيه الثانية فشق فواق (3) سهمه إلى نصله، ثم تابع الرمي حتى شق تسعة أسهم بعضا في جوف بعض، وهشام يضطرب في مجلسه، فلم يتمالك إلى أن قال: أجدت يا أبا جعفر، وأنت أرمى العرب والعجم، هلا زعمت أنك كبرت عن الرمي، ثم أدركته الندامة على ما قال، وكان هشام لم يكن (أحل قتل) (4) أبي ولا بعده في خلافته، فهم به وأطرق إلى الأرض إطراقة تروى فيها، وأنا وأبي واقف (حذاه مواجمين له) (5) فلما طال وقوفنا غضب أبي يفهم به وكان أبي (عليه السلام) إذا غضب نظر إلى السماء نظر غضبان، يرى الناظر الغضب في وجهه، فلما نظر هشام إلى ذلك من أبي، قال له: إلي يا محمد، فصعد أبي إلى السرير أنا أتبعه، فلما دنا من هشام قام إليه واعتنقه وأقعده عن يمينه، ثم اعتنقني وأقعدني عن يمين أبي، ثم أقبل على أبي بوجهه فقال له: يا محمد، لا يزال العرب والعجم يسودها
(٧٨)