الكتاب مجملا بلا تفسير فكان رسول الله صلى الله عليه وآله هو المفسر والمعبر عن جمله الفرائض فعرفنا أن فرض صلاة الظهر أربع ووقتها بعد زوال الشمس بمقدار ما يقرء الانسان ثلاثين آية، وهذا الفرق بين صلاة الزوال وصلاة الظهر، ووقت صلاة العصر آخر وقت الظهر إلى وقت مهبط الشمس، وأن المغرب ثلاث ركعات ووقتها حن وقت الغروب إلى إدبار الشفق والحمرة، وأن وقت صلاة العشاء الآخرة وهي أربع ركعات أوسع الأوقات وأول وقتها حين اشتباك النجوم وغيبوبة الشفق وانبساط الظلام وآخر وقتها ثلث الليل وروي نصفه، والصبح ركعتان ووقتها طلوع الفجر إلى إسفار الصبح، وأن الزكاة تجب في مال دون مال ومقدار دون مقدار ووقت دون أوقات، وكذلك جميع الفرائض التي أو جبها الله على عباده بمبلغ الطاعات وكنه الاستطاعات، فلولا ما ورد النص به وتنزيل كتاب الله وبيان ما أبانه رسوله وفسره لنا وأبانه الأثر وصحيح الخبر لقوم آخرين لم يكن لأحد من الناس المأمورين بأداء الفرائض أن يوجب ذلك بعقله وإقامته معاني فروضه وبيان مراد الله في جميع ما قدمنا ذكره على حقيقة شروطها، ولا يصح إقامة فروضها بالقياس والرأي، ولا أن تهتدي العقول على انفراد ها إلى أن يجب فرض الظهر أربعا دون خمس أو ثلاث، ولا تفصل أيضا بين قبل الزوال وبعده، ولا تقدم الركوع على السجود، أو السجود على الركوع، أو حد زنا المحصن والبكر، ولا بين العقارات والمال الناض في وجوب الزكاة، فلو خلينا بين عقولنا وبين هذه الفرائض لم يصح فعل ذلك كله بالعقل على مجرده، ولم نفصل بين القياس الذي فصلت الشريعة والنصوص إذا كانت الشريعة موجودة عن السمع والنطق الذي ليس أن نتجاوز حدودها، ولو جاز ذلك لاستغنينا عن إرسال الرسل إلينا بالأمر والنهي منه تعالى ولما كانت الأصول لا تجب على ما هي عليه من بيان فرضها إلا بالسمع والنطق فكذلك الفروع والحوادث التي تنوب وتطرق منه تعالى لم يوجب الحكم فيها بالقياس دون النص بالسمع والنطق.
وأما احتجاجهم واعتلالهم بأن القياس هو التشبيه والتمثيل فان الحكم جائز