وجهين: إما أن يكون نصا، أو دليلا، وإذا رأينا الحادثة قد عدم نصها أي رجعنا إلى الاستدلال عليها بأشباهها ونظائرها، لأنا متى لم نفزع إلى ذلك أخليناها من أن يكون لها حكم، ولا يجوز أن يبطل حكم الله في حادثة من الحوادث لأنه يقول سبحانه: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) ولما رأينا الحكم لا يخلو والحادث لا ينفك من الحكم التمسناه من النظائر لكيلا تخلوا الحادثة من الحكم بالنص أو بالاستدلال وهذا جائز عندنا.
قالوا: وقد رأينا الله تعالى قاس في كتابه بالتشبيه والتمثيل فقال: (خلق الانسان من صلصال كالفخار * وخلق الجان من مارج من نار) فشبه الشئ بأقرب الأشياء له شبها.
قالوا: وقد رأينا النبي صلى الله عليه وآله استعمل الرأي والقياس بقوله: للمرأة الخثعمية حين سألته عن حجها عن أبيها فقال: أرأيت لو كان على أبيك دين لكنت تقضينه عنه، فقد أفتاها بشئ لم تسأل عنه، وقوله صلى الله عليه وآله لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن:
أرأيت يا معاذ إن نزلت بك حادثة لم تجد لها في كتاب الله أثرا ولا في السنة ما أنت صانع؟ قال: أستعمل رأيي فيها، فقال: الحمد لله الذي وفق رسول الله إلى ما يرضيه، قالوا: وقد استعمل الرأي والقياس كثير من الصحابة ونحن على آثارهم مقتدون، ولهم احتجاج كثيرة في مثل هذا، فقد كذبوا على الله تعالى في قولهم:
إنه احتاج إلى القياس، وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله إذ قالوا عنه ما لم يقل من الجواب المستحيل.
فنقول لهم ردا عليهم: إن أصول أحكام العبادات وما يحدث في الأمة من الحوادث والنوازل لما كانت موجودة عن المسمع والنطق والنص في كتاب الله، وفروعها مثلها وإنما أردنا الأصول في جميع العبادات والمفترضات التي نص الله عز وجل وأخبرنا عن وجوبها وعن النبي صلى الله عليه وآله وعن وصيه المنصوص عليه بعده في البيان عن أوقاتها وكيفياتها وأقدارها في مقاديرها عن الله عز وجل، مثل فرض الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وحد الزنا وحد السرقة وأشباهها مما نزل في