وهم النجوم الثواقب - انها قالت: إنها رأت الطيب في مفرقه عليه السلام بعد ثلاثة أيام (1) ولا ضعف أضعف ممن يكذب رواية هؤلاء عنها أنها رأت بعينها برواية أبى عمير ابن النحاس بظن ظنه من شاء الله تعالى أن يظنه، اللهم فلا أكثر فهذا عجب عجيب، وقال بعضهم: هذا خصوص له عليه السلام * قال أبو محمد: كذب قائل هذا (2) لان سالم بن عبد الله بن عمر روى عنها بأصح اسناد أنها طيبته عليه السلام قالت: بيدي * رويناه من طريق حماد بن زيد عن عمرو ابن دينار عن سالم بن عبد الله عن عائشة * وروينا قبل أنهن كن يضمخن جباههن بالمسك ثم يحرمن ثم يعرقن فيسيل على وجوههن فيرى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره، ثم لو صح لهم كل هذه الظنون لكان هذا الخبر حجة عليهم لالهم على كل حال لان فيه أنه عليه السلام تطيب عند الاحرام بطيب، فيقال لهم (3): ليكن أي طيب شاء هو طيب على كل حال وأنهم يكرهون الطيب بكل حال فكم هذا التمويه بما هو عليكم؟
وتوهمون أنه لكم فسبحان من جعلهم يعارضون الحق البين بالظنون والتكاذيب! والذي يجب ان يحمل عليه قولها لا يشبه طيبكم هذا ان صح عنها على أنه أطيب من طيبنا لا يجوز غير هذا لقولها الذي أوردناه عنها آنفا: أنها طيبته على السلام بأطيب الطيب * واعترض في ذلك من دقق منهم بما رويناه من طريق إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه أنه سمع عائشة أم المؤمنين تقول: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف في نسائه ثم أصبح محرما قال: فصح عنه أنه اغتسل فزال ذلك الطيب عنه (4) * قال أبو محمد: نعوذ بالله من الهوى وما يحمل عليه من المكابرة للحق بالظن الكاذب، ويكذب ظن هذا الظان ما رواه كل من ذكرنا قبل عن عائشة ممن لا يعدل محمد بن المنتشر بأحد منهم لو أنفرد فكيف إذا اجتمعوا؟ من أنها طيبته عليه السلام عند احرامه ولاحلاله قبل أن يطوف بالبيت * وما رواه من رواه منهم من أنها رأت الطيب في مفارقة عليه السلام بعد ثالثة من احرامه * وأيضا فقد صح بيقين لا خلاف فيه أنه عليه السلام إنما أحرم في تلك (5) الحجة إثر صلاة الظهر، فصح أن الطيب الذي روى ابن المنتشر هو طيب آخر كان قبل ذلك بليلة طاف فيها عليه السلام على نسائه ثم أصبح كما في حديث ابن المنتشر، فبطل أن يكون لهم في حديث ابن المنتشر متعلق، وابن المنتشر كوفي فيا عجبا للمالكيين لا يزالون