نا مسلم (1) نا يحيى - هو ابن أبي كثير - عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسليمان بن يسار قالا جميعا: بلغنا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الأضحى إلى هلال المحرم لمن أراد أن يستأنى بذلك) وهذا من أحسن المراسيل وأصحها فيلزم الحنيفيين والمالكيين القول به والا فقد تناقضوا * قال على: وأجاز أبو حنيفة. والشافعي ان يضحى بالليل وهو قول عطاء، وقال مالك: لا يجوز أن يضحى ليلا وما نعلم لهذا القول حجة أصلا الا أنهم قال قائلهم: قال الله تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) قالوا: فلم يذكر الليل * قال على: وهذا منهم ايهام يمقت الله تعالى عليه لان الله تعالى لم يذكر في هذه الآية ذبحا، ولا تضحية، ولا نحرا لا في نهار، ولا في ليل وإنما أمر الله تعالى بذكره في تلك الأيام المعلومات أفترى يحرم ذكره في لياليهن؟ ان هذا لعجب! ومعاذ الله من هذا، وليس هذا النص بمانع من ذكره تعالى وحمده على ما رزقنا من بهيمة الأنعام في ليل، أو نهار في العام كله، وهذا مما حرفوا فيه الكلم عن مواضعه ولا يختلفون فيمن حلف ان لا يكلم زيدا ثلاثة أيام ان الليل يدخل في ذلك مع النهار، وذكروا حديثا لا يصح رويناه من طريق بقية بن الوليد عن مبشر بن عبيد الحلبي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبح بالليل) (2) * قال أبو محمد: هذه فضيحة الأبد، وبقية ليس بالقوى، ومبشر بن عبيد مذكور بوضع الحديث عمدا، ثم هو مرسل، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة لأنهم يجيزون الذبح بالليل فيخالفونه فيما فيه ويحتجون به فيما ليس فيه، وهذا عظيم جدا، وقال قائل منهم: لما كانت ليلة النحر لا يجوز التضحية فيها وكان يومه تجوز التضحية فيه كانت ليالي سائر أيام التضحية كذلك * قال على: وهذا قياس والقياس كله باطل، ثم لو كان حقا كان هذا منه عين الباطل لان يوم النحر هو مبدأ دخول وقت التضحية وما قبله ليس وقتا للتضحية، ولا يختلفون معنا في أن من طلوع الشمس إلى أن يمضى بعد ابيضاضها وارتفاعها وقت واسع من يوم النحر لا تجوز فيه التضحية فيلزمهم ان يقيسوا على ذلك اليوم ما بعده من أيام التضحية فلا يجيز والتضحية فيها الا بعد مضى مثل ذلك الوقت والا فقد تناقضوا وظهر فساد قولهم، وما نعلم أحدا من السلف قبل مالك (3) منع من التضحية ليلا *
(٣٧٩)