قال أبو محمد: لا يختلف هؤلاء رضي الله عنهم ولا غيرهم في أن عمل المهل بحج وعمرة معا هو عمل غير عمل المهل بعمرة فقط ئم يحج من عامه باهلال آخر مبتدأ، فإذ ذلك كذلك فالمرجوع إليه هو بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهبك ان كليهما يسمى تمتعا إلا أنهما عملان متغايران فنظرنا في ذلك فوجدنا الحديث الذي ذكرنا قبل من رواية البخاري عن يحيى ابن بكير عن الليث عن عقيل بن خالد عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس معه عليه السلام بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من (أهدى) (1) فساق الهدى ومنهم من لم يهد فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال (للناس) (2): من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شئ حرم منه حتى يقضى حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبن الصفا والمروة ويقصر ويحل، ثم ليهل بالحج فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله) * وقد ذكرنا قبل من طريق مالك ومعمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أم المؤمنين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر من معه الهدى بأن يجعل مع عمرته حجا، فصح أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تمتع بالعمرة إلى الحج بالهدى، أو الصوم ولم يأمر القارن بشئ من ذلك * ووجدنا ما رويناه من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبدة بن سليمان عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (في حجة الوداع) (3) موافين لهلال ذي الحجة فكنت فيمن أهل بعمرة فقدمنا مكة فأدركني يوم عرفة وانا حائض لم أحل من عمرتي فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دعى عمرتك وانقضى رأسك وامتشطي وأهلي بالحج قالت: ففعلت (4) فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني وخرج بي إلى التنعيم فأهللت بعمرة وقضى الله (5) حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدى، ولا صدقة، ولاصوم) * ومن طريق أبى داود نا الربيع بن سليمان (المؤذن) (6) أنا محمد بن إدريس الشافعي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة أم المؤمنين (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة (7) يكفيك لحجك وعمرتك) فصح أنها كانت قارنة، ولم يجعل عليه السلام في ذلك هديا ولا صوما *
(١٦٩)