وشغب بعضهم بالخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له، كتاب الله أحق وشرط الله أوثق): * قال أبو محمد: هذا من أعجب شئ لأنهم احتجوا بما هو أعظم حجة عليهم، والاشتراط في الحج هو في كتاب الله تعالى منصوص ما ذكرنا من قوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * و (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). وبقوله تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم)، وقوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). وإنما الشروط التي ليست في كتاب الله تعالى فهي الشروط التي أباحوا من أن كل امرأة يتزوجها على فلانة امرأته فهي طالق، وكل أمة اشتراها عليها فهي حرة، وأن يكون بعض الصداق لا يلزم الا إلى كذا وكذا عاما والله تعالى يقول: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة)، وكبيع السنبل وعلى البائع درسه، وكنزول أهل الحرب وبأيديهم الأسرى من المسلمين بشرط ان لا يمنعوا من الوطئ لهن ولامن ردهم إلى بلاد (1) الكفر وسائر الشروط الفاسدة التي أباحوا، واحتجوا بأن هذا الخبر رواه عروة. وعطاء. وسعيد بن جبير. وطاوس وروى عنهم خلافه *.
قال أبو محمد: فقلنا: سمعناكم تقبلون هذا في الصاحب إذا روى الخبر وخالفه فأنكرناه حتى أتيتم بالابدة (2) إذ جعلتم ترك التابع لما روى حجة في ترك (3) السنن، وهذا إن أدرجتموه (4) بلغ الينا والى من بعدنا فصار كل من بلغة حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فتركه كائنا من كان من الناس حجة في رد السنن، وهذا حكم إبليس اللعين، وما أمرنا الله تعالى باتباع رأى من ذكرتم وإنما أمرنا باتباع روايتهم بأنهم ثقات عدول وليسوا معصومين من الخطأ في الرأي، ولا أعجب ممن يعترض في رد السنن بأن طاوسا، وعطاء وعروة، وسعيد بن جبير خالفوا ما رووا من ذلك، ثم لو أنه (5) عزم على صبغ قميصه أخضر فقالوا له: بل اصبغه أحمر لم ير رأيهم في ذلك حجة ولا ألزم نفيسه الاخذ به. ثم يرى رأيهم حجة في مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولئن كان خالف هؤلاء ما رووا فقد رواه غيرهم ولم يخالفه كعكرمة، وعطاء، ولا يصح عن عطاء الا القول به، وقد رواه عائشة: وابن عباس وأخذا به * وقالوا: لم يعرفه ابن عمر فقلنا: فكان. ماذا؟ فقد عرفه عمر، وعثمان، وعلى،