(إحداهما) يتصدق به (والثانية) لا يلزمه منه شئ وقال النخعي والبتي والشافعي يتصدق بماله كله لقول النبي صلى الله عليه وسلم من نذر ان يطيع الله فليطعه ولأنه نذر طاعة فلزمه الوفاء به كنذر الصلاة والصيام.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي لبابة حين قال إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال " يجزئك الثلث " وعن كعب بن مالك قال قلت يا رسول الله ان من توبتي ان انخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمسك عليك بعض مالك " متفق عليه ولأبي داود " يجزئ عنك الثلث " فإن قالوا هذا ليس بنذر وإنما أراد الصدقة بجميعه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتصار على ثلثه كما أمر سعدا حين أراد الوصية بجميع ماله بالاقتصار على الوصية بثلثه وليس هذا محل النزاع إنما النزاع فيمن نذر الصدقة بجميعه فلنا عنه جوابان:
(أحدهما) ان قوله " يجزئ عنك الثلث " دليل على أنه أتى بلفظ يقتضي الايجاب لأنها إنما تستعمل غالبا في الواجبات ولو كان مخيرا بإرادة الصدقة لما لزمه شئ يجزئ عنه بعضه (الثاني) ان منعه من الصدقة بزيادة على الثلث دليل على أنه ليس يقربه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع أصحابه من القرب ونذر ما ليس بقربة لا يلزم الوفاء به وما قاله أبو حنيفة فقد سبق الكلام عليه وما قاله ربيعة لا يصح فإن هذا ليس بزكاة ولا في معناها فإن الصدقة وجبت لاغناء الفقراء ومواساتهم