وقال الشافعي لا يقتل إلا بواحد سواء اتفقوا على طلب القصاص أو لم يتفقوا لأنه إذا كان لكل واحد استيفاء القصاص فاشتراكهم في المطالبة لا يوجب تداخل حقوقهم كسائر الحقوق ولنا على أبي حنيفة قول النبي صلى الله عليه وسلم " فمن قتل له قتيل فأهله بين خيرتين: إن أحبوا قتلوا وان أحبوا أخذوا العقل " فظاهر هذا ان أهل كل قتيل يستحقون ما اختاروه من القتل أو الدية فإذا اتفقوا على القتل وجب لهم وان اختار بعضهم الدية وجب له بظاهر الخبر، ولأنهما جنايتان لا يتداخلان إذا كانتا خطأ أو أحدهما فلم يتداخلا في العمد كالجنايات على الأطراف وقد سلموها ولنا على الشافعي انه محل تعلق به حقان لا يتسع لهما معا رضى المستحقان به عنهما فيكتفى به كما لو قتل عبد عبدين خطأ فرضي بأخذه عنهما، ولأنهما رضيا بدون حقهما فجاز كما لو رضي صاحب الصحيحة بالشلاء أو ولي الحر بالعبد وولي المسلم بالكافر، وفارق ما إذا كان القتل خطأ فإن الجناية تجب في الذمة والذمة تتسع لحقوق كثيرة، وما ذكره مالك وأبو حنيفة فليس بصحيح فإن الجماعة قتلوا بالواحد لئلا يؤدي الاشتراك إلى اسقاط القصاص تغليظا للقصاص ومبالغة في الزجر وفي مسئلتنا ينعكس هذا فإنه إذا علم أن القصاص واجب عليه بقتل واحد وان قتل الثاني والثالث لا يزداد به عليه حق بادر إلى قتل من يريد قتله وفعل ما يشتهي فعله فيصير هذا كاسقاط القصاص عنه ابتداء مع الدية
(٤٠٦)