الثالثة: ذكرنا أن النسيان يسقط الفدية في الطيب واللباس، وكذا حكم ما عدا الوطئ من الاستمتاعات، كالقبلة، واللمس بشهوة. وفي وطئ الناسي، خلاف يأتي إن شاء الله تعالى. وهل تجب الفدية بالحلق والقلم ناسيا؟ وجهان. أصحهما:
تجب، وهو المنصوص. والثاني: مخرج في أحد قولين له في المغمى عليه إذا حلق، والمجنون. والصبي الذي لا يميز، كمغمى عليه. ولو قتل الصيد ناسيا، قال الأكثرون: فيه القولان كالحلق. وقيل: تجب قطعا.
فرع للمحرم حلق شعر الحلال. ولو حلق المحرم أو الحلال شعر المحرم، أثم. فإن حلق بإذنه، فالفدية على المحلوق، وإلا، فإن كان نائما، أو مكرها، أو مغمى عليه، فقولان. أظهرهما: الفدية على الحالق، والثاني: على المحلوق. فعلى الأول: لو امتنع الحالق من الفدية مع قدرته، فهل للمحلوق مطالبته بإخراجها؟ وجهان: أصحهما، وبه قال الأكثرون: نعم. ولو أخرج المحلوق الفدية بإذن الحالق، جاز وبغير إذنه، لا يجوز على الأصح، كما لو أخرجها أجنبي بغير إذنه. وإن قلنا: الفدية على المحلوق، نظر، إن فدى بالهدي أو الاطعام، رجع بأقل الامرين من الاطعام وقيمة الشاة على الحالق. وإن فدى بالصوم، فأوجه. أصحها: لا يرجع. والثاني: يرجع بثلاثة أمداد من طعام، لأنها بدل صومه. والثالث: يرجع بما يرجع به لو فدى بالهدي، أو الاطعام. وإذا قلنا:
يرجع، فإنما يرجع بعد الاخراج على الأصح. وعلى الثاني: له أن يأخذ منه ثم يخرج. وهل للحالق أن يفدي على هذا القول؟ أما بالصوم، فلا، وأما بغيره، فنعم، لكن بإذن المحلوق. وإن لم يكن نائما، ولا مكرها، ولا مغمى عليه، لكنه سكت فلم يمنعه من الحلق، فوجهان. وقيل: قولان. أصحهما: هو كما لو حلق بإذنه، والثاني: كما لو حلقه نائما. ولو أمر حلال حلالا بحلق شعر محرم نائم، فالفدية على الآمر إن لم يعرف الحالق الحال، وإلا، فعليه على الأصح.
قلت: ولو طارت نار إلى شعره فأحرقته، قال الروياني: إن لم يمكنه إطفاؤها، فلا شئ عليه، وإلا، فهو كمن حلق رأسه وهو ساكت. والله أعلم.
النوع الخامس: الجماع. وهو مفسد للحج إن وقع قبل التحللين، سواء