على ذلك، أنه لو كان الاستئجار بمكة، لم يجز إلا في أشهر الحج، ليمكنه الاشتغال بالعمل عقيب العقد. وعلى ما قاله الامام والغزالي: لو جرى العقد في وقت تراكم الأنداء والثلوج، فوجهان.
أحدهما: يجوز، وبقطع الغزالي في الوجيز، وصححه في الوسيط لان توقع زوالها مضبوط.
والثاني: لا، لتعذر الاشتغال بالعمل في الحال، بخلاف انتظار خروج الرفقة، فإن خروجها في الحال غير متعذر، وهذا كله في إجارة العين. أما إجارة الذمة، فيجوز تقديمها على الخروج بلا شك.
قلت: أنكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح على الامام الرافعي هذا النقل عن جمهور الأصحاب قال: وما ذكره عن صاحب التهذيب يمكن التوفيق بينه وبين كلام الامام، أو هو شذوذ من صاحب التهذيب لا ينبغي أن يضاف إلى جمهور الأصحاب، فإن الذي رأيناه في التتمة والشامل والبحر وغيرها، مقتضاه: أنه يصح العقد في وقت يمكن فيه الخروج والسير على العادة، أو الاشتغال بأسباب الخروج. قال صاحب البحر: أما عقدها في أشهر الحج، فيجوز في كل موضع، لامكان الاحرام في الحال، هذا كلام الشيخ أبي عمرو.
والله أعلم.
فرع إذا لم يشرع الأجير في الحج في السنة الأولى لعذر أو لغيره، فإن كانت الإجارة على العين، انفسخت. وإن كانت على الذمة، نظر، إن لم يعينا سنة، فقد سبق أنه كتعيين السنة الأولى. وذكر في التهذيب: أنه يجوز التأخير عن السنة الأولى والحالة هذه، لكن يثبت للمستأجر الخيار. وإن عينا الأولى أو غيرها، فأخر عنها، فطريقان. أصحهما: على قولين، كما لو انقطع المسلم فيه