والخلاف السابق إنما هو فيمن عجز عن الاخذ قهرا.
فرع لو أطعمه المالك ولم يصرح بالإباحة، فالأصح: أنه لا عوض عليه، ويحمل على المسامحة المعتادة في الطعام. ولو اختلفا فقال: أطعمتك بعوض فقال: بل مجانا، فهل يصدق المالك لأنه أعرف بدفعه، أم المضطر لبراءة ذمته؟ وجهان. أصحهما: الأول. ولو أوجر المالك المضطر قهرا، أو أوجره وهو مغمى عليه، فهل يستحق القيمة؟ وجهان. أحسنهما: يستحق، لأنه خلصه من الهلاك، كمن عفا عن القصاص، ولما فيه من التحريض على مثل ذلك.
فرع كما يجب بذل المال لابقاء الآدمي المعصوم، يجب بذله لابقاء البهيمة المحترمة،، وإن كان ملكا للغير.
ولا يجب البذل للحربي، والمرتد، والكلب العقور. ولو كان لرجل كلب غير عقور جائع، وشاة، لزمه ذبح الشاة لاطعام الكلب. قال في التهذيب: وله أن يأكل من لحمها، لأنها ذبحت للاكل.
الحال الثاني: أن يكون المالك غائبا، فيجوز للمضطر أكل طعامه ويغرم له القيمة. وفي وجوب الاكل وقدر المأكول، ما سبق من الخلاف.
وإن كان الطعام لصبي أو مجنون، والولي غائب، فكذلك. وإن كان حاضرا، فهو في ما لهما ككامل الحال في ماله، وهذه إحدى الصور التي يجوز فيها بيع مال الصبي نسيئة.
المسألة التاسعة: إذا وجد المضطر ميتة، وطعام الغير وهو غائب، فثلاثة أوجه. ويقال: أقوال. أصحها: يجب أكل الميتة. والثاني: الطعام. والثالث:
يتخير بينهما، وأشار الامام، إلى أن هذا الخلاف مأخوذ من الخلاف في اجتماع حق الله تعالى وحق الآدمي. وإن كان صاحب الطعام حاضرا، فإن بذله بلا عوض، أو بثمن مثله، أو بزيادة يتغابن الناس بمثلها ومعه ثمنه، أو رضي بذمته، لزمه