الركن الرابع: المعتكف فيه وهو المسجد، فيختص بالمساجد، ويجوز في جميعها، والجامع أولى. وأومأ في القديم إلى اشتراط الجامع، والمذهب المشهور ما سبق. ولو اعتكفت المرأة في مسجد بيتها - وهو المعتزل المهيأ للصلاة - لم يصح على الجديد، ويصح على القديم. فإن صححناه، ففي جواز اعتكاف الرجل فيه، وجهان. وهو أولى بالمنع. وعلى الجديد: كل امرأة يكره لها الخروج إلي للجماعة، يكره لها الخروج للاعتكاف، ومن لا، فلا.
قلت: قد أنكر القاضي أبو الطيب وجماعة هذا القديم. وقالوا: لا يجوز في مسجد بيتها قولا واحدا، وغلطوا من قال: قولان. والله أعلم.
فرع إذا نذر الاعتكاف في مسجد بعينه، فإن عين المسجد الحرام، تعين على المذهب الذي قطع به الجماهير. وقيل: في تعيينه قولان. وإن عين مسجد النبي (ص)، أو مسجد الأقصى، تعين على الأظهر. وإن عين غير هذه الثلاثة، لم يتعين على الأصح. وقيل: الأظهر يتعين كما لو عينه للصلاة. وقيل: لا يتعين قطعا. وإذا حكمنا بالتعيين، فإن عين المسجد الحرام، لم يقم غيره مقامه.
وإن عين مسجد المدينة، لم يقم مقامه إلا المسجد الحرام. وإن عين الأقصى، لم يقم مقامه إلا المسجد الحرام، ومسجد المدينة. وإذا حكمنا بعدم التعيين، فليس له الخروج بعد الشروع لينتقل إلى مسجد آخر، لكن لو كان ينتقل في خروجه لقضاء الحاجة إلى مسجد آخر على مثل تلك المسافة، جاز على الأصح. أما إذا عين زمن الاعتكاف في نذره، ففي تعيينه وجهان. الصحيح: أنه يتعين، فلا يجوز التقديم عليه، ولو تأخر كان قضاء. والثاني: لا يتعين، كما لا يتعين في الصلاة والصدقة