وأما الطاعة فأنواع:
أحدها: الواجبات، فلا يصح نذرها، لأنها واجبة بإيجاب الشرع، فلا معنى لالتزامها، وذلك كنذر الصلوات الخمس، وصوم رمضان، وكذا لو نذر أن لا يشرب الخمر، ولا يزني. وسواء علق ذلك بحصول نعمة، أو التزمه ابتداء. وإذا خالف ما ذكره، ففي لزوم الكفارة ما سبق في قسم المعصية. وادعى صاحب التهذيب أن الظاهر هنا، وجوبها.
النوع الثاني: العبادات المقصودة، وهي التي شرعت للتقرب بها. وعلم من الشارع الاهتمام بتكلف الخلق إيقاعها عبادة، كالصوم والصلاة والصدقة والحج والاعتكاف والعتق، فهذه تلزم بالنذر بلا خاف. قال الامام: وفروض الكفاية التي يحتاج في أدائها إلى بذل مال أو مقاساة مشقة، تلزم بالنذر أيضا، كالجهاد وتجهيز الموتى. ويجئ مما سنذكره إن شاء الله تعالى في نذر السنن الراتبة وجه:
أنها لا تلزم. وعن القفال: أن من نذر الجهاد، لا يلزمه شئ. وفي صلاة الجنازة، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وما ليس فيه بذل مال، ولا كبير مشقة، وجهان. أصحهما: لزومها بالنذر أيضا.
فرع كما يلزم أصل العبادة بالنذر، يلزم الوفاء بالصفة المستحبة فيها إذا شرطت في النذر، كمن شرط في الصلاة المنذورة إطالة القيام، أو الركوع، أو السجود. أو شرط المشي في الحجة الملتزمة إذا قلنا: المشي في الحج أفضل من الركوب، فلو أفردت الصفة بالنذر، والأصل واجب شرعا، كتطويل القراءة والركوع والسجود في الفرائض، أو أن يقرأ في الصبح مثلا سورة كذا، أو أن يصلي الفرض