فرع من لا يحسن الكسب بحرفة ولا تجارة، قال العراقيون وآخرون:
يعطى كفاية العمر الغالب. وقال آخرون، منهم الغزالي والبغوي: يعطى كفاية سنة، لان الزكاة تتكرر كل سنة.
قلت: وممن قطع بالمسألة صاحب التلخيص، والرافعي في المحرر، ولكن الأصح ما قاله العراقيون، وهو نص الشافعي رضي الله عنه، ونقله الشيخ نصر المقدسي عن جمهور أصحابنا، قال: وهو المذهب. والله أعلم.
وإذا قلنا: يعطى كفاية العمر، فكيف طريقه؟ قال في التتمة وغيره:
يعطى ما يشتري به عقارا يستغل منه كفايته. ومنهم من يشعر كلامه بأنه يعطى ما ينفق عينه في حاجاته، والأول أصح.
فرع وأما ابن السبيل، فيعطى ما يبلغه مقصده، أو موضع ماله إن كان له في طريقه مال، فيعطى النفقة والكسوة إن احتاج إليهما بحسب الحال شتاء وصيفا، ويهيأ له المركوب إن كان السفر طويلا والرجل ضعيفا لا يستطيع المشي.
وإن كان السفر قصيرا، أو الرجل قويا، لم يعط، ويعطى ما ينقل زاده ومتاعه، إلا أن يكون قدرا يعتاد مثله أن يحمله بنفسه، ثم قال السرخسي في الأمالي: إن كان ضاق المال، أعطي كراء المركوب. وإن اتسع، اشتري له مركوب. فإذا تم سفره، استرد منه المركوب على الصحيح الذي قاله الجمهور. ثم كما يعطى لذهابه، يعطى لايابه إن أراد الرجوع ولا مال له في مقصده. هذا هو الصحيح.
وفي وجه: لا يعطى للرجوع في ابتداء السفر، لأنه سفر آخر، وإنما يعطى إذا أراد للرجوع، ووجه ثالث: أنه إن كان على عزم أنه يصل الرجوع بالذهاب، أعطي للرجوع أيضا. وإن كان على أن يقيم هناك مدة، لم يعط، ولا يعطى لمدة الإقامة إلا مدة إقامة المسافرين، بخلاف الغازي، حيث يعطى للمقام في الثغر وإن طال،