أحدهما: لا تحسب له المسافة هنا، لأنه صرفها إلى غرض نفسه لاحرامه بالعمرة من الميقات. فعلى هذا، يوزع المسمى على حجة تنشأ من بلد الإجارة ويقع الاحرام بها من الميقات، وعلى حجة تنشأ من مكة، فيحط من المسمى بنسبته.
فإذا كانت أجرة المنشأة من البلد مائة، والمنشأة من مكة عشرة، حط تسعة أعشار المسمى.
و أظهرهما: يحتسب قطع المسافة إلى الميقات، لجواز أن يكون قصد الحج منه، إلا أنه عرض له العمرة. فعلى هذا يوزع المسمى على منشأة من بلد الإجارة إحرامها من الميقات، وعلى منشأة من البلد إحرامها من مكة، فإذا كانت أجرة الأولى: مائة، والثانية: تسعين، حط عشر المسمى، فحصل في الجملة ثلاثة أقوال. المذهب منها. هذا الأخير.
ثم الأجير في مسألتنا: يلزمه دم لاحرامه بالحج بعد تجاوزه الميقات، وسنذكر إن شاء الله تعالى خلافا في غير صورة الاعتمار أن إساءة المجاوزة، هل تنجبر بإخراج الدم حتى لا يحط شئ من الأجرة، أم لا؟ وذلك الخلاف يجئ هنا صرح به ابن عبدان وغيره، فإذا الخلاف في قدر المحظوظ.
فرع للقول بإثبات أصل الحط ويجوز أن يفرق بين الصورتين، ويقطع بعدم الانجبار هنا، لأنه ارتفق بالمجاوزة حيث أحرم بالعمرة لنفسه.
الحال الثاني: أن يعود إلى الميقات بعد الفراغ من العمرة، فيحرم بالحج منه، فهل يحط شئ من الأجرة؟ يبني على الخلاف المتقدم. إن قلنا: الأجرة موزعة على العمل والسير، ولم يحسب السير لانصرافه إلى عمرته، وزعت الأجرة المسماة على حجة منشأة من بلد الإجارة إحرامها من الميقات، وعلى منشأة من الميقات بغير قطع مسافة، ويحط بالنسبة من المسمى. وإن قلنا: الأجرة في مقابلة العمل فقط، أو وزعناها عليه وعلى السير، واحتسبنا المسافة، فلا حط، فتجب الأجرة كلها، وهذا هو المذهب، ولم يذكر كثيرون غيره.