وحكي عن ابن سريج ما يوافق هذا. وإن كان الدين من جنس أحد المالين. فإن قلنا: الدين يمنع الزكاة فيما هو من غير جنسه، فالحكم كما لو لم يكن من جنس أحدهما، وإلا اختص بالجنس.
فرع إذا قلنا: الدين يمنع الزكاة، فسواء دين الله عز وإلا اختص بالجنس وجل، ودين الآدمي، فلو ملك نصاب ماشية أو غيرها، فنذر التصدق بهذا المال، أو بكذا من هذا المال، فمضى الحول قبل التصدق، فطريقان. أصحهما: القطع بمنع الزكاة، لتعلق النذر بعين المال. والثاني: أنه على الخلاف في الدين. ولو قال:
جعلت هذا المال صدقة، أو هذه الأغنام ضحايا، أو لله علي أن أضحي بهذه الشاة، وقلنا: تتعين للتضحية بهذه الصيغة، فالمذهب: لا زكاة، وقيل: على الخلاف. ولو نذر التصدق بأربعين من الغنم، أو بمائة درهم ولم يضف إلى ماشيته ودراهمه، فإن قلنا: دين الآدمي لا يمنع، فهذا أولى، وإلا، فوجهان. أصحهما: عند الامام لا يمنع، لان هذا الدين لا مطالبة به في الحال، فهو أضعف ولان النذر يشبه التبرعات، فإن الناذر مخير في ابتداء نذره، فالوجوب به أضعف. ولو وجب عليه الحج وتم الحول على نصاب في ملكه، هل يكون وجوب الحج دينا مانعا من الزكاة؟ حكمه حكم دين النذر الذي تقدم.
فرع إذا قلنا: الدين لا يمنع الزكاة، فمات قبل الأداء، واجتمع الدين والزكاة في تركته، ففيه ثلاثة أقوال. أظهرها: أن الزكاة تقدم كما تقدم في حال الحياة، ثم يصرف الباقي إلى الغرماء. والثاني: يقدم دين الآدمي، كما يقدم القصاص على حد السرقة. والثالث: يستويان فيوزع عليهما. وقيل: تقدم الزكاة المتعلقة بالعين قطعا، والأقوال في اجتماع الكفارات وغيرها، فيما يسترسل في الذمة مع حقوق الآدميين. وقد تكون الزكاة من هذا القبيل، بأن يتلف ماله بعد الوجوب والامكان، ثم يموت وله مال، فإن الزكاة هنا متعلقة بالذمة.