دين الغرماء، وإن كانوا معسرين، فطريقان. أحدهما: أنه على الخلاف في أن الزكاة تتعلق بالذمة، أم بالعين؟ إن قلنا: بالذمة والمال مرهون بها، خرج على الأقوال الثلاثة في اجتماع حق الله تعالى وحق الآدمي. فإن سوينا، وزعنا المال على الزكاة والغرماء، وإن قلنا: بالعين، أخذت، سواء قلنا: تعلق الأرش، أو تعلق الشركة. والطريق الثاني وهو الأصح: تؤخذ الزكاة بكل حال لشدة تعلقها بالمال.
ثم إذا أخذت من العين ولم يف الباقي بالدين، غرم الورثة قدر الزكاة لغرماء الميت إذا أيسروا، لان وجوب الزكاة عليهم، وبسببه خرج ذلك القدر عن الغرماء. قال صاحب التهذيب: هذا إذا قلنا: الزكاة تتعلق بالذمة. فإن علقناها بالعين، لم يغرموا كما ذكرنا في الرهن. أما إذا كان اطلاع النخل بعد موته، فالثمرة محض حق الورثة، لا تصرف إلى دين الغرماء، إلا إذا قلنا بالضعيف: إن الدين يمنع الإرث، فحكمها كما لو حدثت قبل موته.
فصل لا تضم ثمرة العام الثاني إلى ثمرة العام الأول في إكمال النصاب بلا خلاف وإن فرض اطلاع ثمرة العام الثاني قبل جداد ثمرة الأول. ولو كانت له نخيل تحمل في العام الواحد مرتين، لم يضم الثاني إلى الأول. قال الأصحاب: هذا لا يكاد يقع في النخل والكرم، لأنهما لا يحملان في السنة حملين، وإنما يقع ذلك في التين وغيره مما لا زكاة فيه، ولكن ذكر الشافعي رحمه الله المسألة بيانا لحكمها لو تصورت. ثم إن القاضي ابن كج فصل فقال: إن أطلعت النخل الحمل الثاني بعد جداد الأول، فلا يضم، وإن أطلعت قبل جداده وبعد بدو الصلاح، ففيه الخلاف الذي سنذكره إن شاء الله تعالى في حمل نخلتين، وهذا الذي قاله، لا يخالف إطلاق الجمهور عدم الضم، لان السابق إلى الفهم من الحمل الثاني، هو الحادث بعد جداد الأول. ولو كان له نجيل أو أعناب يختلف إدراك ثمارها في العام، لاختلاف أنواعها أو بلادها، فإن أطلع المتأخر قبل بدو صلاح الأول، ضم إليه، وإن أطلع بعد جداد الأول، فوجهان. قال ابن كج وأصحاب القفال: لا يضم، وقال أصحاب الشيخ أبي حامد: يضم، وفي ظاهر نص الشافعي ما يدل لهم.