خرجا للقضاء معا، استحب أن يفترقا من حين الاحرام. فإذا وصلا إلى الموضع الذي أصابها فيه، فقولان. قال في الجديد: لا تجب المفارقة. وقال في القديم:
تجب.
فرع ذكرنا في كون القضاء على الفور وجهين. قال القفال: هما جاريان في كل كفارة وجبت بعدوان، لأن الكفارة في وضع الشرع، على التراخي كالحج.
والكفارة بلا عدوان، على التراخي قطعا. وأجرى الامام الخلاف في المتعدي بترك الصوم. وقد سبق في كتاب الصوم انقسام قضاء الصوم إلى الفور والتراخي. قال الامام: والمتعدي بترك الصلاة، لزمه قضاؤها على الفور بلا خلاف. وذكر غيره وجهين. أصحهما: هذا. والثاني: أنها على التراخي. وربما رجحه العراقيون.
وأما غير المتعدي، فالمذهب: أنه لا يلزمه القضاء على الفور، وبهذا قطع الأصحاب. وفي التهذيب وجه: أنه يلزمه على الفور، لقوله (ص): فليصلها إذا ذكرها.
فرع يجوز للمفرد بأحد النسكين إذا أفسده، أن يقضيه مع الآخر قارنا، وأن يتمتع. ويجوز للمتمتع والقارن القضاء على سبيل الافراد. ولا يسقط دم القران بالقضاء على سبيل الافراد. وإذا جامع القارن قبل التحلل الأول، فسد نسكاه، وعليه بدنة واحدة، لاتحاد الاحرام، ويلزمه دم القران مع البدنة على المذهب، وبه قطع الجمهور. وقيل: وجهان. ثم إذا اشتغل بقضائهما، فإن قرن أو تمتع، فعليه دم آخر، وإلا، فقد أشار الشيخ أبو علي إلى خلاف فيه، ومال إلى أنه لا يجب شئ آخر.
قلت: المذهب: وجوب دم آخر إذا أفرد في القضاء، وبه قطع الجمهور.
وممن قطع به، الشيخ أبو حامد، والماوردي والمحاملي، والقاضي أبو الطيب في كتابيه، والمتولي، وخلائق آخرون، وهو مراد الامام الرافعي بقوله في أوائل هذا الفرع: لا يسقط دم القران، لكنه ناقضه بهذه الحكاية عن أبي علي. والله أعلم.